الذوق الأندلسي
تربى الذوق الأندلسي مدة طويلة على الشعر المحدث شعر أبي تمام والبحتري وابن الرومي وابن المعتز وأبي العتاهية وعلى الشعر الأندلسي نفسه الذي كان يترسم خطى الشعر المحدث المشرقي ولكننا لا نسمع أن المعركة النقدية حول أبي تمام والبحتري انتقلت إلى الأندلسيين.
والعصبية بالنسبة لهذا أو ذاك من شعراء المشرق كانت موجودة وأثمرت عنها مواقف نقدية .
وأخذ الطلاب يتتلمذون على دراسة دواويين الجاهليين والإسلاميين ، ولكن الذوق العام كان أميل إلى الاتجاه المحدث .
ولم يستطع النقد الأدبي في الأندلس قبل القرن الخامس أن يرتفع إلى مستوى المشكلات الكبرى دارت في النقد الشرقي من حديث عن الطبع والصنعة واللفظ والمعنى والنظم والصدق والكذب وما أشبه . بل ظل بسيطا في مجالي المستوى والتطبيق لا يتعدى نقد بعض الأخطاء اللغوية والنحوية إذ كان القائمون على تدريس الشعر من طبقات المؤدبين لا يتجاوزون في أحسن التوفر على علم معاني الشعر وبعض الدراسات اللغوية والنحوية.
وقد نجد عند ابن ربه في العقد الفريد وقفات نقدية ولكنها مقتبسة مما عرف عند المشارقة من حديث عن عيوب الشعر الخ.......
ولكن الطبقات النقدية بدأت تقوى على مر الزمن بسبب الحركة الثقافية التي أوجدها الحكم المستنصر 350-366 ه
التي بعثت شعورا بالثقة والاستقلال الذاتي مما اوجد الوعي العميق وهو أول بوادر النقد.
وكذلك إنشاء ديوان للشعراء لا يقييد فيه اسم الشاعر لينال عطاء إلى بعد أن يثبت تفوقه، فكانت المنافسة كفيلة بإثارة الأذهان للنقد مما شكل تربة صالحة لنمو نقد سليم . إذن تنبهت الأندلس إلى شخصيتها في المجال العلمي والأدبي لذا كان النقد الأدبي دافاعا عن هذه الشخصية ضد الظلم أو التجاهل أو الاتهام بأن الأندلس ليس فيها أدباء وشعراء