فتح المسلمون بلادَ الأندلس أيامَ دولةِ بني أمية في أواخر القرن الأول الهجري، وعلى مر الأيام والسنين قدموا للتاريخ صفحاتٍ باهرات من العلم والمعرفة، وأمجاداً من الآداب والفنون، وشيدوا من المساجد والقصور والحصون ما بقيت آثاره إلى يومنا هذا، دالة على مدى رقيهم وعظمة أيامهم.
إن الحضارةَ الزاهرةَ في الأندلس جعلتها مقصدَ طلابِ العلم من مختلف بلاد أوربا يفدون إليها ليتلقوا العلم في مختلف فنونه، وشتى فروعه، من شريعة وفلسفة وطب وفلك وغيرها على أيدي الأساتذة المسلمين الذين أناروا الدنيا بعلمهم.
وفي أواخر القرن الرابع الهجريِّ انهار صرح الخلافة الأموية في الأندلس، وقامت دول الطوائف الصغيرة المفككة، وكان سقوط أية دولة منها ضربةً للأمة الإسلامية في الشرق والغرب.
وكانت أسبانيا النصرانيةُ المتحصنةُ في أَقصى الشمال في جبال البرانس تتربص ببلاد الأندلس، وبينما كانت الخلافاتُ ناشبَةً بين ملوك الأندَلُسِ في الجنوب والفرقة تكاد تعصف بهم، كانت الإمارات الأسبانية في الشمال تتقارب وتتحد، وبعدها بدأت أسبانيا تستولي على بعض الإمارات الضعيفة، وتتوسع رقعتها شيئاً فشيئاً إلى أن تقلصت الأندلس الإسلامية في جنوب الجزيرة في مملكة غرناطة.
وفي خلال هذه الحروب الطويلة ضربت الأمة الإسلامية أروع الأمثلة في الاستبسال والجهاد، وقدم المغرب للأندلس نجدَاتٍ كثيرةً، حتى شهد الأعداءُ بعظمة الجيوش الإسلامية في فنون الحرب والقتال.
ولكن تجمع المسلمين وحصرهم في مملكة غرناطة، جعل الأسبانيين يضيقون عليهم الخناق ويشددون الحصار، فاضطر أبو عبد الله محمد آخر ملوك بني أحمر إلى مغادرة غرناطة عاصمة ملكه، فدخلها الأسبان سنة 897 هـ – 1492 م.