الصراع بين الصليبيين
وعودة حكم بيروت لأسرة دي أبلن
عقد الملك العادل الأيوبي اتفاقية يافا سنة 600هـ/1204م مع آموري دي لوزينيان الصليبي، وتنازل بموجبها عن بقية المدن الساحلية مثل يافا وصيدا والناصرة واللد والرملة. وكان أمير بيروت الصليبي جان دي أبلن، قد استلم الوصاية على مملكة عكا {كانت الوريثة هي ماري إبنة أخته}. وبوفاة آموري دي لوزينيان، نشب الخلاف بين الإمبراطور فردريك الثاني والبابوية، فتزعم أمير بيروت جان دي أبلن المعارضة ضد الإمبراطور، وذهب من عكا إلى قبرص، وأنتزعها من مؤيدي الإمبراطور، الذي رد عليه بتوجيه حملة يقودها ريتشارد فلانجيري، وأنتزع بيروت وصيدا وصور وعكا. لكن جان دي أبلن لم يلبث وأن عاد من قبرص في سنة 629هـ/1231م، ليسترجع بيروت وصيدا، وليعود حكم بيروت إلى أسرة دي أبلن الصليبية.
وسنة 639هـ/1241م عقد الملك الصالح أيوب صلحاً مع الصليبيين، أقرَّ لهم الحق في امتلاك بيروت وصيدا والشقيف والجليل وطبرية وبيت لحم والناصرة وعسقلان. ثم أصبح جان دي أبلن الثاني حاكماً على مملكة بيروت 645-662هـ/1247-1264م، وزوَّج إبنته آشيف (Echive) من همفري دي مونتفرت. وهكذا بقيت بيروت، في تلك الفترة، تحت الاحتلال الصليبي، بينما أستمر أمراء الغرب يحكمون القرى الجبلية حول بيروت، ويقاتلون الصليبيين. فأقر الملك الصالح أيوب، أمير الغرب نجم الدين محمد مكان والده حجي.
وأقر الملك الناصر يوسف، آخر ملوك الدولة الأيوبية في دمشق، الأمير جمال الدين حجي الكبير على إمارة الغرب سنة 650هـ/1252م.
لكن المسلمين لم يسكتوا عن احتلال الصليبيين لبيروت خلال تلك الفترة الطويلة، فكان الحكم المملوكي الإسلامي الذي أستطاع تحرير بيروت نهائياً من الاحتلال الصليبي سنة 690هـ/1291م.