تعتبر بيروت من أقدم مدن الشرق الأوسط القديم، فقد تكونت أرضها في العصر الحجري القديم لتطل على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وسكنها شعبها في العصر الحجري الحديث، أي منذ نهاية الألف السابع قبل الميلاد.
v الموقع والتكوين الجيولوجي:
تقع بيروت على الشاطئ الشرقي من البحر المتوسط الذي يحدها من الشمال والغرب، كما يحدها ساحل جبل لبنان من الجنوب، وجبال لبنان من الشرق. وتقع جغرافياً على خط العرض الشمالي 33.54.27، وعلى خط الطول الشرقي 35.8.35.
وتقوم مدينة بيروت فوق هضبة بشكل رأس يمتد في البحر مسافة تسعة كيلومترات، ويذكر علماء الجيولوجيا أن هذه الهضبة القائمة عليها بيروت كانت جزيرة منفصلة عن الجبل، وذلك في عصر ما قبل التاريخ. وكان الوادي الذي يجري فيه اليوم نهر بيروت وما يجاوره من السهل، مغموراً بمياه البحر التي أخذت تهبط تدريجياً ليحل مكانها سهل رملي ربط الجزيرة (بيروت) بهضبات جبل لبنان. ومنذ ما قبل التاريخ أيضاً ـ أي العصر الحجري القديم ـ يبدو أن الإنسان سكن ضفاف الأنهار، مثل نهر الجوز ونهر إبراهيم ونهر الكلب ونهر بيروت، وفي فرن الشباك وبئر حسن والروشة، حيث عاش في جماعات تقطف الثمار، وتزاول الصيد.
v تسمية بيروت:
أختلف المؤرخون في أصل أسم بيروت، ولعل أفضل تفسير، أن الإسم مشتق من كلمة بيروتا الآرامية، ومعناها الصنوبرة Bruta Hois وقد تكون الكلمة العبرية بئروت Bè erôth، وهي جمع كلمة بئر، ذلك أن بيروت اشتهرت بوجود أشجار الصنوبر في جوارها منذ القدم، وكذلك اشتهرت بآبارها العديدة.
وبيروت (Bayrût)، ورد ذكرها في رسائل تل العمارنة ( Be-Rû-Ta) {بيروتا} وفي النقوش المصرية (Bi-ur-ta) كمار ورد في التوراة (Bê eroth) {بيروث}، وهي البيرة قرب رام الله، وفي نبوءة حزقيال 16.47 (Berotha) {قرب حماة}.
ويروي المؤرخ البيروتي سَنْكُنْ يَتُنْ، الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد، { أنّ الإله إيل أو عليون، وهو أوَّل ملوك جبيل، تزوج الآلهة بيروت قرينته، ثم بنى مدينة فدعتها زوجته بيروت باسمها}. ويقول الشاعر نونّس، في قصائد الإله ديونيسيوس، {بيروت أوَّل مدينة بناها الإله إيل بنفسه، وهي وحدها أنشئت قبل سائر مدن المعمورة}. ثم يردف سَنْكُنْ يَتُنْ قائلاًً: {إن إيل أهدى بيروت إلى إله البحر بوصيدون (يدعى نبتون عند الرومان)، وإلى جميع الآلهة المعروفين بكبيري (Cabires)، الذين اخترعوا فن الملاحة}.
وهكذا ترجع الأسطورة بناء مدينة بيروت إلى ملك جبيل، الذي بناها جنوب مملكته إكراماً لزوجته، والتي سميّت المدينة باسمها.
كما تذكر الأساطير أيضاً أن بروه (Beroé) زوجة أوجيكس (Ogygès) هي التي سمتها بيروتوس (Be routos)، وهو مشتق من اسمها، وقد قامت بتشييدها عندما أختار أوجيكس زوجها الملكي هذا المكان من الشاطئ ليرتاح فيه بعد غزواته العديدة.