لشبونة
هي عتبة العالم الإسلامي المؤدية إلى بحر الظلمات، كانت لشبونة العربية أكبر مدن غرب الأندلس. وكان الميناء الواقع عند مصب نهر تاجه عمودها الفقري ومرجع أهميتها.
قامت أكثر مدن الأندلس تطرفًا جهة الغرب فوق أوليسيبو Olisippo الرومانية فالقوطية. وبفضل موقعها الجغرافي وكثرة خيراتها أصبحت في القرن الحادي عشر أكبر حواضر غرب الأندلس وقطنها قرابة ثلاثين ألف نسمة.
تطورت لشبونة عمرانيا كما كان الأمر في مدن المتوسط، إذ تشكلت فيها نواتين: القصبة المرتفعة، مركز السلطات السياسية والدينية ومنطقة الميناء التي تمركزت فيها الصنائع والمتاجرة. فعلى قمة تل مشرف على مصب نهر تاجه، أو ما يسمى بحر القشPaja للانعكاسات الذهبية التي تصدر عنه، قامت القصبة: قلعة ومقر الحاكم، وهي الآن قلعة سان جورجي San Jorge. كانت تضم القلعة التي توالى عليها التغيير حصن العسكر وقصر كاستيليخو Castelejo تحيط بهما سلسلة من الأسوار يتخللها 11 برجا وأبواب خمسة، منها باب الخيانة Traicion وباب مارتين مونيث Martin Moniz ، ومن جهة أخرى كانت هناك القصبة وهي بدورها قلعة منيعة.
على السفح المنحدر تعرجات حي الفامة Alfama اصل التسمية الحامة أو الحمة إشارة الى منابع المياه الساخنة بطابعه الأندلسي. في غرب المدينة كان يقوم المسجد الجامع الذي تشغل موقعه اليوم كاتدرائية سي Se التي تحمل بعض التأثيرات الإسلامية كالزخارف الهندسية.
ضمت المدينة أجناسا مختلفة من البشر، فقد أقام فيها في أواسط القرن الثاني عشر كثير من المستعربين وقرابة خمسة آلاف نصراني. وبعد سقوطها في يد النصارى استمرت على عهدها فقد كان فيها حي لليهود وآخر للعرب يسمى اليوم موريريا Moreria. وكان ميناء لشبونة مدعاة لخليط البشر ذاك ومنطلقًا لملاحم شتى قام بها البحارة.
هاجم الفيكينغ لشبونة في أواسط القرن التاسع، وفي سنة 876 غزاها ونهبها المولّد المتمرد ابن مروان. وبدءا من القرن العاشر عانت المدينة من غزوات أهل ليون Leon والبرتغاليين، وضمت في القرن الحادي عشر إلى مملكة بطليوس مع احتفاظها بقدر من الاستقلالية.
أتمّ المرابطون تحت قيادة سيدي أبو بكر هيمنتهم على غرب
الأندلس بالاستيلاء على لشبونة. وفي سنة 1147 ، وهي سنة تغلب الموحدين على مراكش
واشبيلية في الآن ذاته بدأ عهد جديد في لشبونة إذ استولى عليها أفونسو هنريكس، أول
ملوك البرتغال، بعد حصار مطبق برا وبحرا.