لم يعد معروفاً من الذي ورّط دمشق في حكاية تفاهة القرار 1559 الدولي الخاص بسحب القوات والاستخبارات السورية من لبنان، هل هو وزير خارجية سوريا فاروق الشرع ام سفير لبنان في واشنطن فريد عبود، لكن الاثنين عبرا تماماً عن تلازم المسارين اللبناني والسوري من خلال تقاريرهما التي اكدت ان هذا القرار لن يمر في مجلس الامن الدولي وقد مرّ.
لكن الاكيد ان الاثنين عبرا عن انسلاخ المسارين كل من جهته حين جاء قرار التمديد القسري لإميل لحود لثلاث سنوات من نهاية حكمة في عام 2004، حين جاء فاروق الشرع الى قصر بعبدا حاملاً قرار الرئيس بشار الاسد بالتمديد اياه، وحين كتب عبود الى الرئيس لحود – طبعاً دون ان يكلّف نفسه ابلاغ وزيره – معالي معاون الوزير محمود حمود - ان اميركا غير مهتمة مطلقاً بمسألة التمديد، فجاء القرار 1559 نكسة للنظام السوري في لبنان وكان التمديد بداية نهاية للنظام الامني اللبناني – السوري الذي جلس لحود على رأسه، وها هو يذوي من تحته، وينـزوي الرئيس في قصره لا يحميه سوى حرسه الجمهوري.. الى حين.
ربما كان فريد عبود هو ابريل غلاسبي السفيرة الاميركية التي ورطت صدام في اجتياح الكويت عام 1990، لكن فريد عبود الارثوذكسي ذا الاصل السوري الذي كان صديقاً لرفيق الحريري وحمل موقع السفارة اللبنانية في واشنطن من نسيب لحود وسيمون كرم المارونيين الى محمد شطح السني اعتبرت مشاركته في مباحثات تفاهم نيسان/ابريل 1996 خلال العدوان الصهيوني الذي دبّر ونفّذ مجزرة قانا والتي اثمرت اعترافاً شرعياً دولياً بالمقاومة ضد العدو المحتل وحملت لدمشق تفويضاً رسمياً بعمل المقاومة تحت شراكة فرنسية – اميركية مدخلاً لهذا الموقع المهم في حياة كل طامح سياسي لبناني فنسيب لحود سفيراً في واشنطن ثم نائباً ثم زعيماً سياسياً بارزاً، هو الاكثر اهلية، لرئاسة الجمهورية المقبلة.. وسيمون كرم سفيراً في واشنطن هو احد اقطاب ((قرنة شهوان)) التي شاركت تأسيساً في انتفاضة الاستقلال، وكان يمكن لفريد عبود ان يؤدي درواً سياسياً مستقبلياً خارج المسار الدبلوماسي لو استمر نظام الوصاية الامني السوري حاكماً في لبنان.
لكن فريد عبود خسر الدنيا والآخرة حين ارتضى ان يكون مخبراً للقصر الرئاسي في بعبدا، متجاهلاً حتى مكانة ودور وفضل رفيق الحريري عليه، وهو تصرف بجبن شديد حين دعا الى حفل عشاء على شرف الحريري حين زار الرئيس الشهيد واشنطن بعد عزوفه عن رئاسة الوزراء نهاية 1998، ثم ألغاه بعد ان تلقى أمراً أخافه وأهانه من ضابط في القصر الجمهوري في بعبدا.
وهو تصرف بصغر نفس شديد حين كتب تقريراً الى القصر نفسه عن مباحثات ارادها فاشلة للرئيس الحريري مع الرئيس الاميركي جورج بوش، وسرب في التقرير معلومات مشوهة للنيل من سمعة الحريري ومكانته وسمعة المملكة العربية السعودية الصديق الاعظم للبنان عربياً.
وهو كان تابعاً لتعليمات مشتركة حسب تلازم المسارين من فيصل المقداد وعماد مصطفى وفاروق الشرع وبعدهما معاون الوزير محمود حمود فضلاً عن ضابط القصر الجمهوري اياه، حتى تداعت الاوضاع نحو حرية الوطن، واستقلاله وسيادته فإذا معاون الوزير يصدر تأنيباً وما هو ابعد من ذلك بحقه نتيجة تقاطع المعلومات عن دوره في محاولة تعطيل او التشويش على لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الارهابية.
قد يقال ان فريد عبود كان ينفّذ تعليمات نظام الوصاية الامني السوري على لبنان او معلميه في وزارة الخارجية السورية او مندوبيها في واشنطن ونيويورك او تعليمات ضابط القصر الجمهوري اياه، دون تكليف معالي معاون الوزير حمود عبء هذه التعليمات لإراحته، لكن الأهم من التعليمات الصدق والكرامة الشخصية والوطنية وتلك كانت مشكلة فريد عبود.