أسلحة سورية للمخيمات الفلسطينية
"الفيغارو": أجهزة إستخبارات غربية لاحظت شاحنات
نقلت أسلحة إلى المخيّمات الفلسطينية من مخازن السلاح السورية
في مقال من مخيم "عين الحلوة" بجنوب لبنان، كتب مراسل "الفيغارو" الفرنسية جورج مالبرونو (الذي كان قبل أشهر "رهينة" في العراق) أنه: "في يوم 3 مارس، سجّلت أجهزة الإستخبارات الغربية دخول شاحنات إلى مخيّمي "عين الحلوة" و"الرشيدية" لنقل أسلحة كان مصدرها مخازن السلاح السورية الجاري تفريغها. وحسب مصدر جدير بالثقة، فإن الجيش اللبناني، الذي يقيم نقاط تفتيش على مداخل المخيّمين، لم يتدخّل. وجرى توزيع رشاشات كلاشينكوف، ورشاشات ثقلية، وصواريخ مضادة للدبابات، وبطاريات دفاع جوي على تنظيمي "فتح" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة".
ويضيف الموضوع المنشور في "الفيغارو": "ويقول جنرال متقاعد في الجيش اللبناني أن "السوريين تركوا، كذلك رجالاً إلى جانب عناصر الجبهة الشعبية-القيادة العامة في مواقعها في الناعمة (جنوب بيروت) وفي البقاع الغربي. وقرب أحد هذه المواقع في "قوسايا" (البقاع) تعرّض خبراء الأمم المتحدة المكلّفين بالتحقّق من إنسحاب الجنود السوريين، لإطلاق نار في الأسبوع الماضي.
وينقل مراسل "الفيغارو" عن الناطق بلسان "القيادة العامة" في مخيم برج البراجنة (قرب بيروت)، وإسمه أنور رجح، أن "عمليات نقل الأسلحة المزعومة ليست أكثر من شائعات يروّجها الأميركيون لتشديد الضغوط على سوريا"، مع أنه يعترف بوجود شبكة من الأنفاق في "الناعمة"، التي تبعد 15 كيلومتراً عن بيروت. ويضيف: "لا نخزّن فيه سوى أسلحة خفيفة ومتوسّطة لحماية أنفسنا. ولكن لا أستطيع أن أدعوكم لزيارة هذه الأنفاق، لأن ذلك سيعرّضني لمتاعب".
وتذكر "الفيغارو" أن "هذه الملاجئ المحصّنة، التي حفرها الفدائيون الفلسطينيون في السبعينات في صخور منطقة "الشوف"، قد قاومت كل عمليات القصف الإسرائيلية. وهي تشتمل على مدافع 152 ملم. هل يمكن للمحقّقين الدوليين الموجودين الآن في لبنان تفتيشها؟ يرد الناطق بلسان "القيادة العامة" قائلاً: "نحن نقوم بحراستها"!
"وتسعى سوريا، التي أرغِمَت على الخروج من لبنان، إلى الإستفادة من بؤس اللاجئين الفلسطينيين، ولكن ليس مؤكّداً أن يكون جميع هؤلاء مستعدّين لتلبية رغبات دمشق. ومع أن كلاً من منير مقدح وممثّل السلطة الفلسطينية الرسمي في لبنان سلطان أبو العينين، ينفي ذلك، فالواقع أنهما توجّها إلى دمشق في شهر قبراير، تلبيةً لاستدعاء من السوريين.
"ويسيطر منير المقدح على مخيم عين الحلوة، وهو أكبر مخيّم للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وقد تحوّل إلى منطقة خارجة على القانون، تضمّ حوالي 300 من "المجاهدين" القادمين من كل أنحاء العالم. ويقيم منير المقدح تحالفات كثيرة مع العرفاتيين، والسوريين، واللبنانيين، ولكنه طرفاً رئيسياً حتى بالنسبة للأصوليين السَلَفيّين الذين يمثّلون القوة الأخرى الرئيسية في المخيّم. إن المقدح، وهو ضابط متمرّد من "فتح"، هو الوحيد بين القادة الفلسطينيين الذي احتفظ بأسلحة ثقيلة في العام 1991، حينما وافقت "فتح" بقيادة عرفات على تسليم أسلحتها الثقيلة للجيش اللبناني بعد انتهاء الحر ب الأهلية. ولكن الأكثر مدعاةً للدهشة كان زيارة سلطان أبو العينين لسوريا، رغم أنه محكوم بالإعدام في سوريا منذ العام 1999. فهل تعني الزيارة أن السوريين يريدون استمالةَ أبو العينين؟"
" وتفيد المعلومات أن المقدح وأبو العينين لم يرضخا لمطالب السوريين حتى الآن. ويقول الصحفي في جريدة "الحياة"، وليد شقير أن "الفلسطينيين، باستثناء الجبهة الشعبية-القيادة العامة ومجموعات صغيرة أخرى، ليسوا مستعدّين للعب ورقة زعزعة إستقرار لبنان كما يطالبهم السوريون".
"ويقول سلطان أبو العينين، الذي يحيط به مسلّحون في مكتبه في الرشيدية.. "لا يستطيع أحد أن يستخفّ بنا. هل هم مستعدّون لإعطائنا حقوقنا السياسية، وحق التوريث، وحق ممارسة 72 مهنة ممنوعة علينا حالياً في لبنان؟ نحن مستعدّون للتفاوض مع اللبنانيين. وقد طالبنا بذلك مراراً، ولكن بدون جدوى".
تضيف "الفيغارو": "إن رحيل السوريين يغيّر المعطيات. فمع أن فلسطينيين لبنان ينتقدون القرار 1559، فإنهم لا يكنّون الودّ للسوريين. وبالنسبة لهم أيضاً، فهذا العهد الجديد يمكن أن يبشّر بالأفضل. ويعلّق الباحث في "المعهد الفرنسي للشرق الأدنى"، برنار روجييه، بأن "السياسة السورية تجاه الفلسطينيين تندرج في مسلسل التجزئة والتقسيم للحؤول دون نشوء مؤسسة تمثيلية للفلسطينيين".
"وكانت مخيّمات الفلسطينيين في شمال لبنان، المؤيدة للسوريين، تُدار مباشرةً من جانب أجهزة إستخبارات دمشق. وبعكس مخيّمات جنوب لبنان، التي تدين بالولاء للسلطة الفلسطينية، فإن لاجئي مخيّم "نهر البارد" يتمتّعون بحرية الحركة".
"إن مخيّم نهر البارد، الذي يقع على بعد 20 كلم من السواحل السورية، هو مملكة التهريب: سواءً البضائع، أو الأسلحة. ويوجد في المخيّم كذلك لاجئون أكراد يستعدّون للسفر بالسفن إلى أوروبا. إن زعماء التهريب لم يختفوا مع الإنسحاب السوري. ويقول أحد مراقبي الأمم المتحدة أن "أكثر ما يثير قلقي هو المجموعات المستقلة. فقد فقدّوا "عرّابهم"، ويحذّر ديبلوماسي غربي أنه "بات الآن ممكناً أن تستخدمهم قوى أخرى". مثلاً، جماعة "القاعدة". ويضيف الديبلوماسي: "لقد عاد بعض "الجهاديين" من العرق في الآونة الاخيرة. ويمكن لهؤلاء أن يشكّلوا خلايا نائمة على غرار الخلية التي استهدفت سفارة إيطاليا في نهاية العام الماضي".
"مع ذلك، يبدو أن معظم فلسطينيّي لبنان، الذين لم يستفيدوا من إتفاقيات السلام، والذين باتوا وسط الصراعات الإقليمية، مستعدون للإستفادة من الفرصة المتاحة لهم. كما أن رحيل السوريين يتيح هامش حركة للسلطة الفلسطينية التي دفعت، منذ العام 1999، أموالاً طائلة لتهدئة النزعات القتالية لبعض المجموعات التي يمكن لقوى خارجية إستغلالها".