سوريا تريد عون رئيساً للانتقام من المعارضة؟
أول معركة سياسية لبنانية – عربية – دولية بعد انتهاء الانتخابات النيابية في كل المحافظات هي معركة رئاسة الجمهورية اللبنانية، ومصير الرئيس الحالي العماد إميل لحود.
ويقال ان لحود لن يتنازل طوعاً عن إكمال ولاية التمديد القسري قبل سنتين وربع من انتهائها إلا إذا ضمن ان يكون العماد ميشال عون رئيساً مقبلاً، وان معركة انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب أو استمرار رئيسه الحالي نبيه بري في موقعه ستحدد إنهاء ولاية لحود الممددة قسرياً واسم الرئيس الذي يليه لا بل ان شرط استمرار بري في موقعه أو انتخاب رئيس جديد سيكون مرتبطاً بإنحياز نبيه بري إلى العمل على إنهاء ولاية لحود ورفض اختيار ميشال عون للرئاسة والعكس صحيح، وان حزب الله الذي يبيع ويشتري سيجري مزايدة بين المرشحين لمن سيقف معه في احتفاظه بسلاحه دولة ضمن الدولة، وانه سيخوض تحالفاته العلنية بعكس السرية كي يضمن توسيع كتلته داخل مجلس النواب وكتلة أوسع من أتباع نظام الوصاية السوري الآفل لتعطيل الحياة النيابية والدستورية في التوازن القاتل.
ويقال ان سوريا ولحود متفقان على عون وان الأخير لم يعد إلى لبنان إلا بعد ترتيبات سورية – لحودية نقلها كريم بقرادوني وإميل إميل لحود إلى عون في باريس، وان من ضمن هذه الترتيبات ان يفتك عون بوحدة المعارضة الوطنية عموماً والمسيحية خصوصاً إثباتاً لحسن نيته والتزامه المخطط اللحودي – السوري، وقد نفذت سلطة الوصاية السورية السابقة على لبنان كما إميل لحود ترتيباتهم الكاملة من جهتهم استقبالاً وحماية وتسهيلاً لمعاركه الانتخابية وها هو عون ينفذ من جهته الترتيبات المتفق عليها، بعد ان اطمأن إلى ان نظام الوصاية ما زال معتقلاً لغريمه المسيحي الأول سمير جعجع، حارماً قواته من قيادته وحضوره وتأثيره الكبير.
عون فتك بوحدة المعارضة المسيحية التي خاضت على أرض الوطن معركة الاستقلال الحقيقي في غيابه القسري في باريس، فرفض التحالف مع أي منها في أي بقعة في لبنان مقدماً التحالف مع كل رموز الوصاية السورية في كل المناطق من ميشال المر في المتن الشمالي ضد أبرز رموز المعارضة في هذا القضاء نسيب لحود وأمين الجميل وحلفائهما.. إلى سليمان فرنجية ومن معه في قضاء زغرتا أو الدائرة الأولى في محافظة الشمال رافضاً التعاون مع المعارضة المسيحية في بيروت الشرقية.. إلى التحالف مع الحزب السوري وهو أحد أدوات نظام الاستخبارات السورية في لبنان وكل هذا بمعزل عن مرجعية البطريرك صفير المسيحية العامة.
وهو فتك بوحدة المعارضة الوطنية بدءاً من حربه ضد الزعيم وليد جنبلاط في قضاءي المتن الجنوبي – عاليه حيث المعركة الحاسمة، وظل يشترط إنابة رفيقه اللواء عصام أبو جمرة على جنبلاط في محاولة لدق اسفين بين جنبلاط والحريري بإبعاده انطوان اندراوس لمصلحة أبو جمرة، فلما تعذر عليه ذلك اتهم المعارضة الوطنية الممثلة بجنبلاط – الحريري بأنها تريد حصره في المقاعد المسيحية ذاهباً إلى أحد الرموز الصغار في نظام الوصاية الاستخباراتية السورية طلال ارسلان مضحياً بعصام أبو جمرة نفسه. وقد كان لافتاً ان يجلس ارسلان هذا الى يمين عون وكان سابقاً جندياً في جيش حافظ الاسد، وان يجلس على اللائحة كلها من اعتبر مخبراً اصغر في النظام الامني وئام وهاب شريك رستم غزالة في الكثير من العمليات الكفيلة بهز عظام عون وحده لو كان صادقاً في محاربة الفساد والفاسدين.
ويقال ان الفرنسيين والاميركان يريدون حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رئيساً جديداً للجمهورية خلفاً لاميل لحود، وان لحود جدد لسلامة لقطع الطريق عليه الى الرئاسة.
ويقال ان المملكة العربية السعودية تؤيد النائب نسيب لحود للرئاسة وان سوريا لم تعد ترغب بجان عبيد رئيساً لانها تعتبر ان عبيد الذي يتكلم العربية جيداً منفتح اكثر من اللازم على كل العرب وان عون يستطيع استقطاب الشارع المسيحي فضلاً عن شق صفوف خصومها الذين خاضوا معركة الاستقلال عنها وارغامها على الانسحاب المهين من لبنان وان بعض المعارضة المسيحية خاصة في الشمال عمل على ابعاد جان عبيد عن المقعد النيابي الماروني في الشمال ازاحه له عن دربها وطموحها الى رئاسة الجمهورية.
لقد عمل اميل لحود بعد انتخابه على المجيء بالعميد اسعد غانم قائداً للجيش وهو صديقه وزميله كي يظل ممسكاً بالجيش لكن حافظ الاسد رفض تسمية لحود لغانم اذ يكفي لحود الرئاسة دون الجيش وفضل العميد ميشال سليمان يومها الذي كتبت عنه الاستخبارات السورية انه حيادي محترف، وعندما عجز لحود عن السيطرة على الجيش بوجود سليمان عمد الى توسيع اطار الحرس الجمهوري الموثوق بقيادته وزاد عديده وصلاحياته واخراجه من طبيعة دوره كأحد ألوية الجيش لكي يكون لواء خاصاً به، وزاد في الطين بلة عند لحود انه لم يعد يستطيع انزال الجيش او اقحامه في المعارك الداخلية بفضل قيادته الملتزمة حدود دورها الوطني – الطبيعي، وان لحود والاستخبارات السورية استعاضت عن اقحام الجيش العصيّ بتعظيم دور الاستخبارات خاصة في عهد اللواء السابق جميل السيد.
ويقال ان الرهان السوري – اللحودي على عون يمتد إلى قدرة عون على التأثير على بعض ضباط الجيش الذين يرون في عودة القائد السابق انتعاشاً لتصوراتهم عن المرحلة السابقة التي سبقت نفيه ودوره خلال حرب التحرير ضد سوريا، وحرب الإلغاء ضد القوات اللبنانية.
بعد هذه الأقوال يبقى سؤالان:
السؤال الأول: هل تريد سوريا عون فعلاً رئيساً للجمهورية؟ البعض يعتقد ان سوريا التي تعرف ان عون لن يلتزم أي اتفاق معها وهو لن ينسى معاركه ضدها ولا خلعها له من قصر بعبدا في 13/10/1990، ستكتفي من تكبير حجم عون باستخدامه للانتقام من كل القوى التي هزمتها في لبنان وألزمتها الانسحاب القسري التي تعيش بعض قياداتها هوساً بالعودة عنه أو هي لم تصدق انها هزمت أو انها خرجت من لبنان!!
السؤال الثاني: هل يلتزم عون هذه الترتيبات مع سوريا ولحود للوصول إلى الرئاسة ثم ينقلب عليهما معاً، ويعيد شبك علاقاته مع كل من فرنسا وأميركا اللتين أصدرتا القرار 1559 وألزمتا سوريا بالانسحاب من لبنان مستندتين إلى تداعيات التمديد القسري لإميل لحود بمحاولة قتل مروان حماده واغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بعد وهم بأن الجميع سيخاف بعد هذه المحاولة وهذه الجريمة ففاجأ اللبنانيون المجرمين الذين ارتكبوا العمليتين الإرهابيتين!
يبقى أخيراً ان عون كان وما زال محكوماً بهاجس الوصول إلى رئاسة الجمهورية وهو يبدو مستعداً للتعاون مع الشيطان إذا حقق له هذا الهدف.. وهذا هو مقتله.. هذه هي نهايته.