أبو هيثم
الجاسوس الذي يهددون جنبلاط به
مجلة الشراع 04/07/205
كتب حسن صبرا
ü
بدأ محاسباً في منتهى الأمانة في (المعهد العربي) ثم حارساً لآل عاصي
ü شقيقته وفاء عملت معه في امن (الاشتراكي) وقتلت بالقاء جثتها من اعلى مبنى
السارولا لتسببها بأذى كثيرين
ü مقتل شقيقته جعله يتصرف بوحشية ويرتكب مجازر وخطايا
ü كان يتلذذ بتعذيب معتقليه بكلب
(دوبرمان).. وبسماع صراخهم وبكائهم قبل قتلهم
بمسدسه
ü اسم كرار كان يرمي الرعب في نفوس مقاتلي
(امل) المنافسة لـ الاشتراكي في بيروت
ü اصيب بحادث سيارة في الاوزاعي فخافت بيروت من اشتعال نار الجحيم اذا مات
ü
ابو هيثم الحق بصفوفه كل معارضي سوريا التي كانت تستخدم (امل) اداة ضد عرفات
و(الاشتراكي)
ü عندما كان (الاشتراكي) يحرز انتصارات في بيروت كان جنبلاط يضحك ساخراً ومتسائلاً
من اين لحزبه هذه القوة
ü جنبلاط لم يكن يأمن النـزول الى بيروت خاصة بعد ان عرف انه معرض للقتل من ابي هيثم
ü الشهابي حذر جنبلاط من ابي هيثم فخفف صلاحياته وأحاطه بعناصر موثوقة به واخترق امنه
لتكبيل حركته
ü رد ابو هيثم على ملاحقة الضابط السوري امير تلة له باقتحام غرفة زميله في
الاستخبارات في الكارلتون وارسل له نسخاً من اوراق وملفات متحدياً
ü في سجل كرار الاجرامي: مندوبو الصليب الاحمر وضباط جيش لبنان العربي وحليم تقي
الدين وصبحي الصالح ومحمد شقير
ü وضع ابو هيثم خطة لاغتيال كنعان على طريق الكرامة لاشعال اقتتال سوري – درزي
ü اعتقل ابو هيثم في دمشق وهو برفقة جنبلاط الذي اوهمه بأنهما يقصدان سوريا لمناقشة
امور امنية
ü اطلق ابو هيثم عام 2001 في رسالة تهديد لجنبلاط بعد مطالبته بتصحيح العلاقة مع
سوريا
***********************************************
هل
هناك رابط بين مسلسل الاغتيالات التي طالت شخصيات وطنية لبنانية طالبت وتطالب
بإخراج القوات والاستخبارات السورية من لبنان وبين الاحاديث المتناثرة والمتباعدة
والهامسة حول دور مسؤول الامن السابق في الحزب التقدمي الاشتراكي خلال مرحلة سيطرة
الميليشيات على بيروت جمال كرار (ابو هيثم).
وهل صحيح ان ابا هيثم ما زال يسرح ويمرح في لبنان بعد ان اطلقت السلطات السورية
سراحه اثر اعتقال استمر نحو 15 عاماً في السجون السورية؟
لماذا اطلقت دمشق سراح كرار وهو المتهم بالعمالة للعدو الصهيوني؟
لماذا اطلق سراحه بعد ان طالب الزعيم وليد جنبلاط بتصحيح العلاقات اللبنانية
–
السورية عام 2001 وهل صحيح ان دمشق هددت جنبلاط بنبش ونشر التحقيقات التي استمرت
واستغرقت عشرات شرائط التسجيل مع ابي هيثم حول دوره في المرحلة التي كان فيها هذا
المعتقل مسؤول الامن الاشتراكي في بيروت؟
وهل صحيح ان سلطات الامن اللبنانية التي تسلمت جمال كرار من السلطات السورية عام
2001 اطلقت سراحه رغم ارتكابه عشرات الجرائم المعروفة في لبنان لأن احداً لم يتقدم
بدعوى قضائية ضده؟
أين هو جمال كرار؟
مصادر امنية لبنانية رجحت ان يكون عاد الى بلده الاصلي مصر.
مصادر المعارضة الوطنية اللبنانية (طبعاً قبل الانتخابات النيابية الاخيرة) ترجح ان
كرار عاد الى عادته القديمة أي تنفيذ عمليات قتل لحساب صاحب السلطة وهو خضع
لتوجيهات كثيرين في لبنان خلال فترة التسيب الطويلة
–
الموساد، الاستخبارات السورية، الاستخبارات الفلسطينية؟
وإذا كان كرار ينفذ الآن من لبنان حسب اعتقاد مصادر المعارضة اللبنانية عمليات
القتل فلحساب من؟ وأين يختبىء، ومتى يظهر ومن له مصلحة باعتقاله، او من سيكون له
مصلحة بقتله لأن اعتقاله دون تحقيق من جديد لم يعد ممكناً اخفاؤه خاصة وان كل حركة
في لبنان الآن هي تحت المجهر الدولي سياسياً وأمنياً وقضائياً وتحقيقات.. حتى لو
استطاع المجرمون تنفيذ عملياتهم بالقتل، فهي لا بد ستنكشف مهما طال الزمن واستمرت
او تصاعدت التفجيرات.
من
هو جمال كرار، ما هي مهنته؟ من هي عائلته، ما هي انجازاته.. هذه محاولة لرسم دور
الرجل الذي روّع بيروت وأهاليها خلال مرحلة سيطرة الميليشيات على العاصمة البيضاء
وهي بالتحديد ميليشيا حركة امل، وميليشيا الحزب التقدمي الاشتراكي وقد عكس تقاتلهما
خلال المرحلة من 1985 حتى 1987 صورة الصراع الدموي بين النظام السوري ونظام ياسر
عرفات الذي اخرجته القوات الصهيونية من لبنان عام 1982 وحاول العودة اليها مرات
عدة.. كان ابرزها من خلال حرب المخيمات.. حيث كان لكرار دور اساسي فيها الى جانب
جماعة عرفات قبل ان يسلمه الزعيم وليد جنبلاط الى دمشق بعد ان استفحل امره.
أعلى الصفحة
سيرة ذاتية
انه حسب طلب عمله في المعهد العربي الذي يرأسه نائب بيروت السابق د. حسين يتيم جمال
ذهب مصطفى كرار، من التابعية المصرية ووالده ذهب كان يعمل مضيفاً في السفارة
المصرية في بيروت، ووالدته سيدة هي امرأة مارونية لبنانية من قضاء جزين.
عمل جمال كرار عام 1977 في المعهد العربي محاسباً وكان خلال عمله في منتهى الامانة
واللطف، بما استدعى ان تعمل في المعهد نفسه شقيقتاه وفاء ونوال.
وقد جاء جمال الى المعهد بعد توقف حرب السنتين 1975
–
1976 حيث كان التحق بصفوف ميليشيات الحزب التقدمي الاشتراكي، وكان يقطن مع اهله في
منطقة الزيدانية في غرب بيروت قريباً من مسجد الفاروق الآن.
كلف الحزب التقدمي جمال كرار ان يعمل حارساً لآل العاصي في المصيطبة وهم عاملون في
بيع وتجارة المجوهرات بعد قتل شقيقهم وكان يتقاضى 300 ل.ل شهرياً لقاء ذلك.
لم
يطل مكوثه طويلاً في المعهد العربي حيث بدأ انقلاب الاوضاع في لبنان من جديد بعد
زيارة انور السادات للقدس في 19/11/1977، حيث استعادت العلاقات السورية
–
الفلسطينية نوعاً من توازنها الذي اصابه خلل رهيب ادى الى صدام عسكري بينهما وقف
فيه الحزب التقدمي الاشتراكي وزعيمه كمال جنبلاط الذي اغتيل في 16/3/77 يومها مع
المقاومة الفلسطينية ووقف فيها النظام السوري مع حزبي الكتائب والاحرار وميليشياته
المسلحة التي آلت الامور فيها خلال الحرب لابن مؤسس الكتائب الشيخ بشير بيار
الجميل.
اختار ابو هيثم مع بدء هيكلة الجهاز العسكري للحزب التقدمي الاشتراكي ان يعمل ضمن
الجهاز الامني الذي بدأ بالتشكل يومها على غرار الجيوش الصغيرة والى هذا الجهاز ضم
شقيقته وفاء التي كانت يده اليمنى وعينه الساهرة والمراقبة ونفذت له عمليات عدة
يساعدها كونها امرأة على إبعاد الشبهة عن تحركاتها الى ان انتهت قتيلة وتم القاء
جثتها من اعلى مبنى السارولا في شارع الحمرا اثر اخبار عن تعدد اتصالاتها وأعمالها
التي سببت اذى لكثيرين.
البعض اعتبر ان قتل شقيقته المحببة الى قلبه الغى الرحمة في صدر ابي هيثم ((ومن دون
قلب)) فبات يتصرف بوحشية غير معهودة، اصبحت احدى سمات الحرب القذرة لما ارتكب فيها
من مجازر وخطايا.
كان ابو هيثم يحتفظ بكلب ((دوبر مان)) الشرس يسلطه على من يعتقله من المواطنين سواء
كانوا من حزبيات منافسة او متقاتلة معه او ابرياء ساقهم سوء حظهم الى مصير اسود عند
معتقل ابو هيثم في شقة في الطابق الاول في مبنى يقع خلف منـزل الزعيم وليد جنبلاط
قبل ان يتخلى عنه جنبلاط طوعاً لاصحابه.
كان ابو هيثم يضع مربى البندورة، أي الصلصة على اجساد معتقلين عنده ثم يطلق عليهم
الكلب ((الدوبر مان)) كي يحيل حياة المعتقل الى جحيم وبعد ان يتلذذ بسماع صراخه
وبكائه يسارع الى قتله برصاص مسدس ((سميث اند ويسن)) يحمله دائماً الى وسطه.
كان شكل جمال كرار بحد ذاته مخيفاً فقد كان داكن السمرة على وجه بشع وطول مخيف
وعينين سوداوين تحت نظارة سميكة العدستين، وكان اسمه يرمي الرعب في صفوف مقاتلي ((امل))
المنافسين وكل من يتوقع مصيراً بالاسر او السجن بين يديه.
أعلى الصفحة
حادثة الاوزاعي
اثناء تنقله بين بيروت والجبل خلال سيطرة ميليشياته و((أمل)) على بيروت (1985
–
1987) كان طريق الاوزاعي حيث الاغلبية الشيعية وميليشيا حركة امل اصيب كتف ابي هيثم
نتيجة انزلاق سيارته من اثر السرعة المطلوبة في تلك المنطقة، وهي احدى سلوكيات
قيادة الميليشيات للسيارات.. دائماً..
نقل ابو هيثم الى مستشفى الجامعة الاميركية، وعاشت بيروت على اعصابها وهي في انتظار
حالة جمال الصحية
–
كان الدعاء لشفائه يغلب التشفي الداخلي بوفاته للتخلص منه.
كانت الناس تخشى اذا مات ابو هيثم ان تتحول بيروت وشوارعها ومبانيها ومحلاتها الى
جحيم اشتعلت واكتوت ببعض نيرانه خلال اشتباكات الاحياء شبه اليومية بين ميليشيات
امل والحزب التقدمي الاشتراكي، حيث الرعب والقتل والخراب وتعطيل مصالح الناس وحرائق
محلاتهم ومنازلهم وسوقهم كالفئران الى الملاجىء.
نجا ابو هيثم من الموت، ونجت بيروت لعدة ايام من الحرائق والقتل الاقتتال.
كانت بيروت لا تنام على اشتباكات امل والحزب الاشتراكي من شدة القصف المتبادل بين
الفصيلين في أي حي من احياء بيروت الشعبية، وفي الصباح وهي تتوجه الى النوم كان
المتقاتلون يتبادلون انخاب الشاي وأكل المناقيش قبل ان يتوجهوا بدورهم الى النوم
استعداداً لسهرة المساء الحافلة بالنيران والصواريخ وقذائف الـ ب7.
صراع الاسد
–
عرفات
لم
يكن قتال ((امل)) والاشتراكي تعبيراً عن سلوكيات الميليشيات المنفلتة من أي رادع
اخلاقي او سياسي او وطني، بل كان جزءاً من صراع الموت بين الراحلين حافظ الاسد
وياسر عرفات او النظامين اللذين لم يلتقيا في السياسة ابداً وهما دمشق ومنظمة
التحرير الفلسطينية، وان التقيا في لبنان على الغائه وطناً وشعباً ومجتمعاً وتحويله
ساحة صراع وطوائف ومذاهب استدعت قوى الدنيا لتبث فيه سمومها وقنابلها ومشاريعها
واستخباراتها استناداً دائماً الى قوى محلية سواء كانت احزاباً او ميليشيات او
اشخاصاً او طوائف او مذاهب او عصابات او استخبارات او رؤساء او وزراء او نواباً..
شكلت ميليشيا حركة ((امل)) الشيعية اداة سورية طيعة دربت وسلحت وشحنت لمنازلة
الاداة الفلسطينية المتمثلة يومها بميليشيا الحزب التقدمي الاشتراكي، وكانت في
بيروت غيرها في الجبل مثلما كانت امل في بيروت غيرها في الجنوب.
كان الجبل مثالاً للأمن والاستقرار تحت قيادة ((الحزب التقدمي الاشتراكي)).
وكان الجنوب مثالاً للاطمئنان تحت قيادة حركة ((امل)).
اما بيروت فقد تنازعتها صراعات النظامين السوري والفلسطيني لاقتتال دموي روّع
ابناءها خلال السنين 1985
–
1987 بما لم تعشه مدينة من قبل.
كان ابو هيثم رمزاً لأمن الحزب التقدمي الاشتراكي الحاضن لكل قوى الصراع ضد سوريا
في لبنان وخاصة في بيروت من المنظمات الفلسطينية خاصة المرتبطة بياسر عرفات الى
بقايا حركة المرابطون التي تعاقب على تصفيتها الحزب الاشتراكي نفسه في آذار/مارس
1984 بعد ما سمي بانتفاضة 6 شباط الشهيرة ثم حركة امل بعد ذلك بعام واحد اثر الزام
سوريا لمؤسسها المناضل ابراهيم قليلات على مغادرة لبنان اثر اشتباكه مع حركة امل
عام 1985.
وانضمت الى صفوف الحزب الاشتراكي قطاعات من بعث العراق لمنازلة حركة امل التي كانت
اداة سورية في وقت اخذت دمشق وطهران قراراً بتصفية كل من يرمز الى بعث العراق في
لبنان في صراع رباعي كانت فيه دمشق وطهران في خندق واحد ضد بعث العراق وعرفات في
الخندق الآخر.
وقف حافظ الاسد مع ايران في حربها ضد العراق ووقف عرفات مع صدام حسين في حربه ضد
ايران ونقل الاربعة معركتهم المدمرة الى لبنان ساحة الصراع المفتوح لحساب كل القوى.
وكان يعاون ابو هيثم في قيادة مقاتليه الى جانب ضباط فلسطينيين معروفين مجموعة من
المقاتلين في الحزب الاشتراكي ابرزهم عصام العينترازي
–
ابو سعيد وابو شعيب وأبو عبد الكردي والكاوبوي وغيرهم.
وكان رمز أمن حركة امل في بيروت قبلان قبلان رئيس مجلس الجنوب الآن، والراحل علي
عواضة (ابو حسين) والراحلان علي ايوب وعلي جزيني تعاونهم ايضاً مجموعة من ضباط
الجيش اللبناني في اللواء السادس بعد ان فرزت ألوية الجيش اللبناني بين الطوائف
والمذاهب وكان اللواء السادس بأغلبية ضباطه وجنوده المتبقين من نصيب الشيعة ورمزها
يومها حركة امل.
أعلى الصفحة
عندما يسخر جنبلاط
تضخم حجم الحزب الاشتراكي في بيروت ورمزه ابو هيثم وبات وزنه العسكري اكبر من أي
حجم شعبي درزي في بيروت وقد ضم في صفوفه كل القوى السياسية المناوئة لسوريا او التي
ارادت سوريا تصفية وجودهم في بيروت تحديداً وهي من خارج الصفوف الدرزية ومعظمها من
السنّة فلسطينيين وأكراداً وعرب مسلخ و((مرابطون)) وبعض الشيعة في بعث العراق..
كان الحزب التقدمي الاشتراكي يحرز انتصارات في بيروت تجعل وليد جنبلاط يضحك وهو في
فندق شيراتون
–
دمشق او منـزله في الفيلات الغربية في العاصمة السورية من قوة حزبه متسائلاً: (يا
عمي شو هالقوة للحزب الاشتراكي في بيروت، منين هالمقاتلين ما بعرف حدا منهم، يا عمي
وين الدروز فيهم).
كان جنبلاط الخبير السياسي والقائد المحنك يدرك تماماً انها معركة تصفية حسابات بين
سوريا وعرفات واحياناً ليـبيا والعراق ولم يكن يستطيع مونة على حزبه.. خاصة على ابي
هيثم نفسه
–
لذا لم يكن من مصلحته اقحام الدروز في هذا الجحيم تاركاً لمن اراد الالتحاق بغطاء
الحزب في بيروت ان يفعل ما يشاء.. وهو في واقع الامر لم يكن يأمن النـزول الى بيروت
بعد ان كان اضطر الى الابتعاد عنها بعد قرار نظام امين الجميل قتله، وتعرض فعلاً
لعملية اغتيال يوم 2/12/1983.. فوضع قائد سرايا الدفاع في سوريا يومها الدكتور رفعت
الاسد احدى فلل القيادة في المزة الغربية تحت تصرفه مثلما فعل لاحقاً لرئيس حركة (امل)
نبيه بري، ومثلما اعتادت القيادة السورية في استضافة المعارضين العرب في منازل وفلل
لائقة في هذه المنطقة.
قتل جنبلاط لاشعال فتنة
كانت خشية حنبلاط من القتل تلاحقه وقد تعرض له عدة مرات، وفي احداها ابلغ في احدى
زياراته القليلة الى بيروت انه معرض للقتل من جانب ابو هيثم نفسه، حتى ان مسؤولي
الامن السياسي في الحزب التقدمي الاشتراكي وهم من الموثوقين الدروز حذروه من ابي
هيثم بسبب ارتباطاته الواسعة مع قوى محلية وعربية وصهيونية قامت بتوريط الحزب
الاشتراكي في مواجهات داخلية لم تكن لمصلحته تحت أي ظرف.
لقد استدعى الحذر من حركة كرار ان ادخل الامن السياسي في الحزب التقدمي الاشتراكي
عناصر من امنه الى مكتب كرار البعيد امتاراً قليلة عن منـزل جنبلاط لمراقبته على
مدار الساعة وايصال تقارير شفهية ومكتوبة على عجل الى امن جنبلاط الخاص حين يكون في
بيروت.
كان الامن السياسي للحزب التقدمي ومعظم عناصره الفاعلة من الدروز يقدم تقارير
لجنبلاط بأن ارتباطات ابي هيثم المشبوهة قد تدفعه الى تدبير محاولة لقتله أي لقتل
جنبلاط لاشعال فتنة في لبنان لا يعلم الا الله مداها..
وعاش جنبلاط هذا الهاجس خاصة بعد ان تقاطعت المعلومات عن سلوكيات ابي هيثم ومن
يحميهم من ضباط فلسطينيين من امن الـ 17 التابع لياسر عرفات وقد عاد بعضهم لتأسيس
الامن الذي رحل مع عرفات وبرز دورهم خلال حرب المخيمات مع حركة امل 1985
–
1988. وكان ضباط امن الـ 17 العائدون يحملون بطاقات امن الاشتراكي موقعة من ابي
هيثم نفسه. فضلاً عن علاقات ابو هيثم مع القوات اللبنانية التي كانت يومها في صراع
مع امل والحزب الاشتراكي وكان ضباطها يتلقون التدريب والتسليح والتوجيه من العدو
الصهيوني.
لقد تبلغ جنبلاط من رئيس الاركان السوري يومها العماد حكمت الشهابي ضرورة الحذر من
هذا الرجل، فعمل جنبلاط اول الامر الى التخفيف من صلاحياته الامنية ثم احاطه بعناصر
درزية موثوقة، واخترق مكتبه وجهازه الامني الخاص في محاولة لتكبيل حركته.
كان الضباط السوريون يتعقبون حركة ابي هيثم، وكان رائد الاستخبارات السورية في
بيروت يومها الرائد امير تلة يلاحق أبا هيثم معتبراً اياه جاسوساً خطيراً، خاصة بعد
ان نجح ابو هيثم في اقتحام غرفة ضابط الاستخبارات السورية حسين وطفا في فندق
كارلتون وسرقة اوراقه الخاصة وملفاته، مرسلاً نسخاً منها الى تلة ليبلغه انني
استطيع الوصول الى عقر دارك.
أعلى الصفحة
الملف الثقيل
كبر ملف ابو هيثم عند جنبلاط وتقاطعت المعلومات والوقائع.
قال مروان حماده لوليد جنبلاط: ((وليد بك مش معقول اللي عملو ابو هيثم)، فلما
استوضح جنبلاط ما يقصده مروان قال الاخير: ((اتذكر جماعة الصليب الاحمر، ومصرف
لبنان الذين اعتقلهم ابو هيثم بعد حادثة تفجير استهدف مقر الحزب الاشتراكي في كركول
الدروز.. لقد صفاهم ابو هيثم وهم جدع
–
شعيب
–
كتانة وبندلي؟.
تحدث مروان لجنبلاط عن اتصاله بأبي هيثم ليطلق سراح اثنين اعتقلهما جمال، وانه
ابلغه بأنه قادم لتسلمهما فلما وصل مروان الى مكتب ابو هيثم وجده قتل الاثنين ثم
علم مروان بعد ذلك ان ابا هيثم كان قتل احدهما قبل اتصاله الهاتفي فلما اتصل رأى
ابو هيثم انه لم يعد يستطيع الابقاء على الثاني فقتله.
حاول ابو هيثم من ضمن ارتكاباته قتل ولي نعمته الاول حسين يتيم وزوجه سامية بقذيفة
((ب 7)) وجهها من سطح مبنى مقابل لمنـزل يتيم في تلة الخياط.
لقد خطف ابو هيثم الصرافين حيدر والامين من على دراجة يمتطيانها وقتلهما وسلب
منهما مبلغ 150 الف ليرة لبنانية (يومها كان الدولار يساوي 16 ل.ل.).
الاخطر
على ان الاخطر في سلوكيات ابي هيثم هو الاتهامات ضده بأنه قتل عدداً من ضباط الجيش
اللبناني وابرزهم من قاتل في جيش لبنان العربي وكان عروبياً كأمين قاسم وابراهيم
الفار، فضلاً عن عادل ابو ربيعة، وهناك من يتهم ابو هيثم بخطفه فاروق شهاب الدين
وقتله.. فضلاً عن اعتقاله الرائد حيدر صفا الذي تمكن من الفرار منه.
ومن السلك العسكري الى السلك المدني والديني تعددت التهم الموجهة الى ابي هيثم
واخطرها قتل الشيخ حليم تقي الدين والشيخ صبحي الصالح ومستشار الرئيس امين الجميل
محمد شقير.
لقاء في مكتب خدام
في
مكتب نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام في دمشق وفي جلسة مصالحة بين قائدي الحلف
المعمد بالدم أي نبيه بري ووليد جنبلاط ووجه الاثنان بما يفعله ابو هيثم في بيروت
وقرأ الجميع الاعمال التي اتهم هذا بإرتكابها في العاصمة اللبنانية في غيبة الاثنين
في دمشق.
كان جنبلاك يدرك انه لم يعد يستطيع تحمل ابو هيثم وأنه لا بد من التخلص منه، لكنه
كان يعد الخطة المناسبة لذلك بهدوء ودون شكوك حتى لا يتنبه ابو هيثم الذي اخترق
امنه محيط جنبلاط، وهو يدرك ان تقاطع مجموعة استخبارات عربية وصهيونية وأجنبيه تصب
كلها في حركة ابو هيثم.
الحسم
اعد ابو هيثم خطة لقتل العميد غازي كنعان اثناء مروره من البقاع الى بيروت عن طريق
الجبل فيما عرف سابقاً باسم طريق الكرامة.
كانت الخطة كميناً ثلاثياً اعده ابو هيثم لقتل كنعان بوابل من الرصاص وقذائف الـ
(ب 7) على موكبه بحيث اذا نجا من الكمين الاول يسقط في الثاني او في الثالث.
كانت الخطة الجهنمية تعني اقتتالاً سوريا مع جمهور جنبلاط الدرزي، وكان هذا
الاقتتال الداخلي في لبنان دعوة لاقتتال مثله داخل سوريا.
كشفت الاستخبارات السورية هذه الخطة من خلال احد عناصرها الذين زرعتهم داخل مكتب
ابي هيثم وجهازه الامني فأبلغت جنبلاط بالأمر، فاستدعاه الاخير الى المختارة
لمناقشته بعض الامور، وليبلغه ان الرفاق في سوريا يريدون مناقشته ببعض الامور
الامنية.
اصطحب جنبلاط ابو هيثم في سيارته الى دمشق ودخل وإياه فندق شيراتون، ثم عرفه الى
ضباط امن سوريين كانوا في انتظاره لمناقشته كما قال جنبلاط ببعض الامور، فسيق ابو
هيثم الى السجن عام 1987 ليقبع فيه بعد تحقيق مطول عبأ عشرات شرائط التسجيل 15 سنة.
أعلى الصفحة
لماذا اطلق سراحه؟
اطلع جنبلاط على بعض الوقائع التي ارتكبها ابو هيثم في لبنان، وهي جرائم واغتيالات
وتفجيرات ارتكبها لصالح مجموعة من الاستخبارات بما فيها الاستخبارات السورية نفسها.
ظل ابو هيثم في سجنه السوري حتى اطلقه السوريون عام 2001 في رسالة وجهها السوريون
الى وليد جنبلاط بعد مطالبته من على منبر مجلس النواب وعبر الاعلام المرئي والمسموع
والمكتوب محلياً وعربياً ودولياً بتصحيح العلاقات مع سوريا.
كان اطلاق ابي هيثم بمثابة تهديد لجنبلاط بعد ان ابلغت الاستخبارات السورية ابا
هيثم ان جنبلاط تخلى عنه وكان يريد من السوريين قتله.
وكان التهديد السوري الآخر هو تصريح النائب البعثي السوري يومها عاصم قانصوه الذي
هدد جنبلاط بالقتل بعد ان اتهمه بأنه عميل صهيوني.
وأدرك جنبلاط يومها بأن التهديد السوري اكثر من جدي بعد ان صدر قرار سوري بمنعه
ومنع أي من قيادات الحزب الاشتراكي من دخول الاراضي السورية لكنه وهو يقول بأن امر
تصحيح العلاقة بينه وبين دمشق هو في ملعب الرئيس بشار الاسد، الا ان جهات عربية
ومحلية صديقة ادت دوراً في اعادة المياه الى مجاريها عام 2001 بعد ان ادرك ان دمشق
لا تمزح وان وجود ابو هيثم في بيروت ليس مزحة خاصة بعد ان تابع اجراءات تسليم
الاستخبارات السورية جمال كرار للسلطات اللبنانية التي سارعت الى اطلاق سراحه بحجة
الا احد تقدم بأي شكوى ضده (من يجرؤ) كما انه أي ابو هيثم استفاد من قانون العفو
حيث سجلت جرائمة كلها في الاطار السياسي.
الآن؟
اما وقد كسرت الجرة نهائياً بين جنبلاط والنظام السوري، الذي حمّل الزعيم الاشتراكي
مسؤولية انتفاضة الاستقلال وقيادة الحملة الشعبية الوطنية لاخراج الجيش السوري
واستخباراته من لبنان وهو ما تحقق بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وحيث يعيش
جنبلاط هاجس الاغتيال وقد رأى المسلسل امامه من محاولة اغتيال الوزير والصديق
الشخصي له مروان حماده الى اغتيال الشريك السياسي له وهو رفيق الحريري وبينهما
وبعدهما اغتيال سمير قصير الذي كان جنبلاط متكفلاً حمايته الى اغتيال جورج حاوي
الذي كان رفيقاً مخلصاً لجنبلاط في السياسة وفي قيادة انتفاضة الاستقلال.
وبعد ان كتب او اعلن جنبلاط وصيته فإن حضور ظل وثقل ابو هيثم ماثل كل لحظة في
خياله وأمامه ان لم يكن شخصياً.. فقد يكون مستنسخاً منه خاصة وان اجهزة الاستخبارات
تجيد استنساخ المجرمين والقتلة مثلما تجيد اختيار واغتيال الابطال والاستقلاليين.
أعلى الصفحة
عودة للملف الأسود
|