# ممن كانت تأتيه هذه التهديدات؟
كانت تأتيه بواسطة اشخاص من بعض اجهزة المخابرات السورية واللبنانية. منها ((رأفة بك يا شيخ حسن غيّر وبدِّل من مواقفك)).. ((هذه الامور عدّل وغيِّر فيها)). وكان رده الدائم ((ان هذا الموقف ليس ملكاً لي وانما هو ملك لله تعالى وانا مسؤول في هذا المنصب، ولا استطيع ان اغير شيئاً من قول كلمة الحق، اذا اخطأت فأنا مستعد للرجوع عن الخطأ انما فيما يخص الحق والعدل، فهذا لا يخصني وانما يخص الناس، ويخص بالنهاية موقفي وموقعي كمسؤول عن الناس)).
# اجهزة الاستخبارات السورية، كانت يومها برئاسة اللواء غازي كنعان.. هل كانت تأتيه تهديدات بواسطة اللواء كنعان؟
لم تكن تهديدات..
# نصائح؟
هذه النصائح كانت تدور حول ((لماذا تأخذ هذا الموقف.. لماذا لا تتعلم من كذا.. وكذا..
# ممن؟
من كمال جنبلاط، مثلاً، وممن سبقوك بالعمل السياسي.. من هؤلاء المتشددين.. وكانوا يقولون له، تستطيع ان تصل الى ما تريد من خلال كونك رحوماً، ان تخفف من وطأة هذا العمل.
# من كان ينقل له هذه الرسائل هل كانوا لبنانيين؟
الكثير منهم كان من اللبنانيين، والبعض كان حريصاً ومحباً، ويوصل له الكلام الذي سمعه.
# مثل من؟
الكثير من الشخصيات اللبنانية في المخابرات، وبعضهم اشخاص عاديون، كانوا على علاقة مع الاجهزة السورية.
# هل كانوا ينقلون كلاماً مباشراً من اللواء كنعان بان يكون حذراً؟
كانوا ينقلون كلاماً مباشراً من اللواء كنعان، وكلاماً عبر القنوات السورية من الرئيس حافظ الاسد، ومن الوزير السوري عبدالحليم خدام.
# رسائل من الرئيس الاسد ومن نائبه؟
# واعتبرت نوعاً من التهديد؟
وفي بعض اللقاءات التي حصلت بينه وبينهم، كان يسمع بعض العبارات التي توجهه في ان لا يتحرك باتجاه ما، قبل ان تكون مدروسة معهم.
# هل تواصلت اللقاءات التي كانت تتم بينه وبين المسؤولين وخاصة الرئيس الاسد؟
عقدت عدة لقاءات بين المفتي الشهيد حسن خالد والرئيس حافظ الاسد، وآخرها وبعد انقطاع طويل، هيىء له ودام لساعات عديدة. دار الحديث حول مواضيع مختلفة ليس لها علاقة بالقضية اللبنانية لا من قريب ولا من بعيد وكان الشيخ حسن خالد يومها، متضايقاً جداً لان زيارته حسمبا خطط كانت مخصصة للتكلم والتباحث في المواضيع التي تهم اللبنانيين والسوريين، وبعض الامور التي كانت تحدث على الساحة اللبنانية. انما كان الموضوع في ذلك الوقت غائباً تماماً عن هذا اللقاء، وعند الوداع وعلى الباب امسك الرئيس حافظ الاسد بيدي الشيخ حسن خالد قائلاً له: ((بيسوى يا سماحة المفتي قبل ما تعمل أي خطوة تخبرنا))..
# وكأنه تحذير بألا يفعل شيئاً بمفرده؟
نعم.. يومها كان الشيخ حسن خالد في اسوأ ايامه، كان يتوقع ان يلقى صدراً واسعاً، لان الشيخ حسن خالد، لم ينطلق بعلاقته بسوريا من منطلق مصلحة شخصية وانما انطلق ايماناً من عروبته واسلامه، وبانفتاحه على هذا البلد الشقيق.
# لماذا تحدثت عن ان هناك انقطاعاً بينه وبين سوريا، ولماذا حصل هذا الانقطاع؟ وكيف رتب هذا اللقاء؟
الكل كان يعلم بالتجاوزات الكثيرة التي كانت تحصل في الشارع اللبناني، ضد المواطنين في الاطار السياسي.
# انت تتحدث عن الفترة ما بين عامي 1985 و1989؟
حتى ما قبل ذلك، كانت العلاقة التي تربط الشيخ حسن خالد بالدولة السورية علاقة تحكمها مصلحة الشعب اللبناني ومصلحة العرب في تلك المرحلة.
# وكان يرى ان هناك تجاوزات سورية؟
عندما كان يرى ان هناك تجاوزات، كان يؤمن بأن عليه ان يبلغ عن هذه التجاوزات ويحاول الحد منها لان المصلحة العامة لنجاح مساعي سوريا لاعادة الوحدة اللبنانية وعودة المؤسسات، كما كنا نعتقد ان دور سوريا في لبنان، هو دور اسعافي لانقاذ لبنان من الطائفية ومن المناطقية، فإذا كان هذه هو المسعى او الغرض الرئيسي من الوجود السوري في لبنان فلماذا هذه التجاوزات ولماذا هذه الانتهاكات التي كانت ترتكب باسم السعي في هذا الاطار.
# وهذا قبل نظام الوصاية؟
نتكلم عندما ناشدوا سوريا الدخول بين القوات المتحاربة على الارض اللبنانية.
# مع من كان يتكلم الشيخ حسن خالد، هل كان يخاطب اللواء غازي كنعان ام يلتقي مع ضباط سوريين في بيروت؟
كان حريصاً جداً ان يكون لقاءه مع الرئيس حافظ الاسد او نائبه عبدالحليم خدام. الشيخ حسن خالد تركيبته لا تستطيع ان تتعامل مع اجهزة مخابرات، ولا تستطيع هذه الاجهزة ان تلزمه بكلمة او بحركة، وهو مرجع للمسلمين لم يكن لديه مشكلة ان يقابلهم، ولكنه لم يكن يستطيع ان يساومهم او يفاوضهم او يتكلم معهم بأمور يعتقد هو بأنها من مسؤولية الراعي الاول. انا اعتقد بأن الكثير مما جرى في لبنان في ذلك الوقت كان يصل الى الرئيس حافظ الاسد، وبأغلبيته كان يصل مشوهاً، كانت تركب الامور. الشيخ حسن خالد عانى كثيراً من تركيب الامور كما نعاني منها اليوم، توصيف الناس، وضعهم في خانة الخيانة، كا هذا يضايق الشيخ حسن كثيراً. واكثر ما كان يضايقه انه لا يستطيع ان يتحمل ان يتوسل الى شهادة بأنه عربي المنبت من ضابط مخابرات او أي شخص آخر. لان تربيته الاسلامية وتربيته العربية ومعاصرته لعبد الناصر وكل الثورات العربية في مواجهة الاستعمار ومواجهة ما كان يسمى في ذلك الوقت الرأسمالية وغيرها، كانت حياته اليومية ومأكله ومشربه، كل ساعة.. وعندما وصل الى منصب الافتاء، لم يصل الى هذا المنصب كونه طالب مناصب، بل أُجبر على اخذ المنصب، لأنه كان حلاً وسطاً بين كل المتنافرين على الساحة اللبنانية، ويومها رأى الرئيس جمال عبدالناصر فيه ذلك الرجل الذي لم يتوسل الى ذلك المنصب، فأرسل له سؤالاً لماذا لم تتقدم بترشيح نفسك لمنصب مفتي الجمهورية. فقال له انها مسؤولية أُعفي نفسي منها لانها تحملني طاقة يمكن الا اطيقها.
# هذا يعني ان جمال عبدالناصر استقبل الشيخ حسن خالد قبل ان يصبح مفتياً؟
نعم، والكثير من القيادات في بيروت رأت في الشيخ حسن خالد ذلك الانسان البيروتي المميز، الذي له بصماته في الشارع البيروتي والشارع الاسلامي، والشارع اللبناني، عبر المنطق، وعبر الجمع، وعبر وحدة الكلمة، فرأوا فيه هذا الرجل الذي يمكن ان يوحد الصف الاسلامي الذي يساهم في وحدة الصف الوطني، وفعلاً نجح.
[ الصفحة التالية ] [ الصفحة السابقة ]