انتصارات السلطان الأشرف خليل بن قلاوون

وتحرير بيروت من الصليبيين

22 رجب 690هـ/ 23 تموز 1291م

اندلعت الحروب بين المماليك والصليبيين زمن السلطان خليل بن قلاوون (1)، وبدأت الهزائم تلحق بالصليبيين بعد أن نجح في الاستيلاء على عكا في 17 جمادي الثانية سنة 690هـ/ 18 أيار 1291م.

ووقع الخوف والرعب في قلوب الصليبيين، الذين أخلو صور وصيدا من غير قتال وكذلك حيفا. وقاومت قلعة صيدا قليلاً، لكن الأمير سنجر الشجاعي مما لبث وأن دخلها. ثم أعطاه الملك الأشرف نيابة الشام، وطلب منه دخول بيروت، لأن صاحب بيروت أرسل إلى السلطان أثناء حصار عكا يطلب من الأمان فأعطاه أماناً.

وهكذا دخل الأمير سندر الشجاعي بيروت دون مقاومة في 22 رجب سنة 690هـ/23 تموز 1291م.

وعندما وصل سندر الشجاعي (2) إلى بيروت تلقاه صاحبها وخيَّالته بالترحاب، فأمرهم بنقل نسائهم وأطفالهم ومتاعهم إلى القلعة، فظنوا أنه سيعاملهم بالحسنى. وعندما دخلوا القلعة قبض على الرجال، وألقاهم في الخندق، يوم الأحد 23 رجب سنة 690هـ/ 24 تموز 1291م.

ثم جمع سنجر الشجاعي سكان بيروت من الصليبيين والنصارى، وأغلبهم من طائفة الموارنة، وأرسلهم إلى دمشق، ومنها إلى مصر. وهلك منهم في الطريق الشيوخ والنساء، ولما وصلوا مصر، أطلقهم السلطان وخيَّرهم بين العودة إلى بيروت أو التوجه إلى جزيرة قبرص، فتوجهوا جميعاً إلى قبرص. وهكذا أنتقل بعض نصارى بيروت والجبال المحيطة بها، وأغلبهم من الموارنة، إلى قبرص، فلا نستغرب إن وجدنا في يومنا هذا أحفاد هؤلاء الموارنة في جزيرة قبرص، حيث لهم فيها أسقفاً ومقعداً نيابياً خاصاً بهم.

والواقع أن فتوحات الملك الأشرف خليل بن قلاوون، لعكار وعتليت وحيفا  والإسكندرية وصور وصيدا وبيروت وجبيل وأنفه والبترون والصرفند، أستغرقت 47 يوماً. وقد أمر الملك الأشرف بهدم هذه المدن جميعاً، بعد أن دخلتها جيوش المسلمين.

وعلى هذا الأساس هدم الأمير سنجر الشجاعي سور بيروت وقلعتها المحكمة البناء، فالمماليك كانوا يحرصون على تدمير التحصينات الساحلية حتى لا يعاود الصليبيين الاستيلاء عليها، والتحصن فيها من جديد، بعد أن فروا إلى جزيرتي قبرص ورودس.

وهكذا انتهى حكم أسرة دي أبلن الصليبية، بعد أن دخلت بيروت نهائياً تحت حكم المماليك والذي أستمر طويلاً، لمدة قرنين وربع قرن 690-922هـ/1291-1516م.

(1) خليل بن قلاوون 666-693هـ/1268-1294م، هو الملك الأشرف صلاح الدين إبن المنصور قلاوون، تولّى السلطنة في مصر بعد وفاة والده المنصور قلاوون وقاتل الصليبيين وأسترد عكا وصور وصيدا وبيروت وقلعة الروم وبيسان وجميع الساحل. وكان شجاعاً مهيباً له آثار عمرانية، قتله بعض المماليك في مصر.

(2) الأمير علم الدين سنجر الشجاعي، كان أحد كبار الأمراء في مصر، وعندما تولى الملك الأشرف خليل بن قلاوون السلطنة عيَّنه نائباً على الشام وتسلَّم صيدا سنة 690هـ/1291م ثم دخل بيروت فاتحاً بدون قتال. وقد وشى الأمير سنجر على أمير الغرب زين الدين صالح بن علي وسيطر على أملاكه.

عودة للباب الرابع

عودة للصفحة الرئسية