4 ـ التحقيق الاسترالي
193.ـ في مقابلة مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة، ذكر عدنان عضوم، وزير العدل في وقت التفجير، انه كان يعتقد ان محققي اللجنة يجب ان يقتنعوا بهذا التحقيق وان يستجوبوا الاستراليين الستة المشتبه بهم عن هدفهم من السفر. واشار ايضا الى انه مقتنع بانه في ضوء حقيقة ان السيارة المشتبه التي استخدمت في التفجير كانت بمقود على اليمين (كما تستخدم في استراليا)، يجب ان تزيد الشبهات حول هؤلاء الستة المشتبه بهم. اضاف انه يعتقد بانه "نتيجة للاعلام والضغوط الدينية، لم يعط قاضي التحقيق هذه المسألة اهمية كافية".
194.ـ وقام محققو لجنة التحقيق الدولية المستقلة بمراجعة نتائج التحقيقين اللبناني والاسترالي بشأن المشتبه بهم الستة، وكما هو محدد في ما يلي، واستنتجوا انه لا وجود لقاعدة مقنعة بانهم كانوا متورطين في اغتيال الحريري. وبعد الاقتناع بهذه المراجعة، كان محققو اللجنة مدركين انه كان هناك 6 بطاقات هاتفية استخدمت في اطار متصل بالاغتيال، وانتهى هذا الاستخدام في وقت التفجير. ويلاحظ بانه كان هناك 6 مشتبه بهم استراليين، و6 بطاقات هاتفية مشبوهة، وهي صدفة غير معهودة، واعتقدت اللجنة ان مراجعة التحقيقين اللبناني والاسترالي في هذه المسألة ربما تكون حكيمة.
195.ـ وبعد التدقيق في الملف عن قرب، يمكن للجنة ان تحدد النقاط التالية:
* قدمت السلطات اللبنانية تقريرا طلبت فيه مساعدة الانتربول لتحديد واستجواب المشتبه بهم المعروفين، بما يتلاءم مع البروتوكول القائم.
* وكان البروتوكول الذي اتبعه الانتربول صحيحا.
* وتم الاتصال بالسلطات الاسترالية عبر الانتربول لمتابعة هذا الموضوع.
* وقامت السلطات الاسترالية باجراء تحقيق دقيق في هذه المسألة، وقدمت تقريرا بشأن الاكتشافات للسلطات اللبنانية.
* وعلقت السلطات اللبنانية بشكل كليّ هذا الخيط الحالي من التحقيق بالاستناد الى التقرير المقدم من السلطات الاسترالية.
استنتاج:
استنادا الى ما ورد، يجب اعتبار التحقيق الذي قامت به السلطات الاسترالية والاكتشافات التي حصلت عليها، استنتاجا. لم تكن شبهات السيد عضوم موجودة ولم يكن هناك ادلة لدعم هذه الشبهات. ان متابعة هذا الخيط من التحقيق شغل السلطات اللبنانية عن ملاحقة خيوط اخرى من التحقيق.
5 ـ احمد عبد العال
196. كان الشيخ احمد عبد العال، وهو شخصية مهمة في الاحباش، مسؤولا عن العلاقات العامة والعسكرية والاستخباراتية للاحباش، جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية، وهي مجموعة لبنانية لها علاقات تاريخية قوية بالسلطات السورية. من المؤكد ان عبد العال شخصية مهمة في ضوء ارتباطاته باوجه عدة من هذا التحقيق، وبالاخص من خلال هاتفه الخلوي الذي قام باتصالات عدة مع الشخصيات المهمة كافة في هذا التحقيق. كذلك، لم يظهر ان هناك اي شخصية اخرى على اتصال باوجه التحقيق المختلفة، مثل عبد العال.
197. استجوب عبد العال كشاهد ولاحقا كمشتبه به من قبل اللجنة. وتدل بعض تصرفاته واقواله خلال الاستجواب على انه كان يخفي معلومات في التحقيق. مثلا، حاول ان يخفي مصدر رقم هاتفه الخلوي من خلال اعطاء بطاقة خطه المدفوعة سلفا في 12 اذار 2005 الى صديقه في الاحباش محمد حلواني، طالبا ان تسجل البطاقة باسم حلواني. وخلال استجواب اللجنة حلواني، اقر بعد ساعات عدة ان رقم الهاتف المذكور كان يستخدمه فعليا احمد عبد العال. اضف الى ذلك، ذكر عبد العال انه ترك منزله وتوجه الى مركز الاحباش، في 14 شباط 2005. وتظهر تسجيلات هاتفه الخلوي انه في الساعة 47:11 اجرى اتصالا برقم، اتصل برقم هاتف منزله مرات عدة مباشرة قبل التفجير: 26:12 و46:12 و47:12. وعندما قال عبد العال للجنة انه اتصل بمنزله بعد قليل من الانفجار في الساعة 56:12، اظهرت تسجيلات الهاتف ان الاتصال جرى في تمام الساعة 54:12 اي قبل دقيقتين من التفجير. وذكر عبد العال انه لم يترك مكتب الاحباش يوم التفجير لاسباب امنية. واظهرت تسجيلات الهاتف 4 اتصالات هاتفية بالضابط في الاستخبارات السورية جامع جامع في تمام الساعة 42:11 و14:18 و23:20 و26:20. وبالنسبة الى شاهد، زار عبد العال مكتب جامع جامع مساء يوم التفجير في الساعة 30:19 وبحث معه موضوع ابو عدس. ايضا، وسجل هاتف عبد العال الخلوي مكالمة مع العميد رستم غزالة بعد زيارته مكتب جامع جامع بقليل، في تمام الساعة 56:19. وحاول عبد العال ايضا تضليل التحقيق من خلال مسألة السيد ابو عدس، ليس فقط من خلال اعطاء السلطات اللبنانية معلومات وافية حول السيد ابو عدس بعد وقت قليل على التفجير، انما ايضا من خلال افادته للّجنة بان جهاز امن الاحباش رأى السيد ابو عدس قبل التفجير في مخيم عين الحلوة الفلسطيني مع ابو عبيدة، مساعد قائد مجموعة عصبة الانصار الارهابية.
198.ـ هناك ايضا اتصالات عديدة بين احمد عبد العال وجهاز امن الدولة اللبناني في يوم التفجير. مثلا، كان عبد العال يقوم باتصال شبه يومي بالعميد فيصل الرشيد، رئيس امن الدولة في منطقة بيروت، وفي 14 شباط 2005، جرت اتصالات هاتفية بينهما عند الساعة 35:10 و08:20 و13:21 و40:21 و16:22. وقام احمد عبد العال باتصال هاتفي مع المشتبه به ريمون عازار من الجيش اللبناني، في 14 شباط 2005، كما اتصل به في 16 و17 شباط 2005. وكان هناك اتصال بين هاتف خلوي خاص بالبير كرم، وهو عضو في استخبارات الجيش اللبناني، واحمد عبد العال في 14 شباط ايضا، في تمام الساعة 12:12، اي قبل 44 دقيقة على التفجير.
199.ـ وهناك اتصالات هاتفية كثيرة جرت من خلال هاتف عبد العال، مع هاتف مصطفى حمدان، اذ ان جرت بين الاثنين 97 اتصالا من شهر كانون الثاني وحتى شهر اذار 2005. وحصلت 4 اتصالات من بين هذه، في 14 شباط 2005، بعد الانفجار. واجرى احمد اتصالين هاتفيين مع اخيه وليد عبد العال، العضو في الحرس الجمهوري، يوم التفجير عند الساعة 15:16 و29:17. كذلك، تلقى عبد العال اتصالا في 11 شباط 2005 عند الساعة 17:22 من غرفة الهاتف نفسها التي استخدمت للاتصال بـ"الجزيرة"، بعد قليل من التفجير في 14 شباط. وتلقى ايضا اتصالا في 4 شباط 2005 عند الساعة 34:19 وفي 26 شباط 2005 عند الساعة 33:9 من غرفة استخدمت للاتصال بوكالة "رويترز" بعد قليل من التفجير.
200.ـ وكان عبد العال متصلا دائما بمحمود عبد العال، شقيقه الذي هو ايضا ناشط في الاحباش. واتصالات محمود عبد العال الهاتفية في 14 شباط هي ايضا مثيرة للاهتمام: اجرى اتصالا هاتفيا قبل التفجير في تمام الساعة 47:12 ظهرا مع الرئيس اللبناني اميل لحود، وعند الساعة 49:12 بهاتف ريمون عازار الخلوي.
201ـ ولعبد العال ايضا علاقات ملحوظة بمخزن سلاح مهم اكتشف في جنوب بيروت في تموز 2005. ودهمت قوى الامن الداخلي مخزن السلاح هذا في 26 تموز 2005، واوقف 5 اشخاص على علاقة قوية بميليشيا المرابطون السابقة. وافيد بان احد الموقوفين سائق ومرافق ماجد حمدان، شقيق مصطفى حمدان، الذي يدير شركة كانت تقوم بضمان امن فندق سان جورج. وافيد بان عبد العال دبر لموقوف ثان وظيفة كهربائي في القصر الجمهوري.ايضا، وبعد الاعتقالات فورا، اختفى شخص آخر واتصل بشكل مفاجئ باحمد عبد العال.
استنتاج:
ويجعل الدليل احمد عبد العال، ضمنا علاقاته بشخصيات مهمة وخصوصا مصطفى حمدان والحرس الجمهوري فضلا عن اتصالاته الهاتفية وتورطه في التحقيق اللبناني، شخصية اساسية في اي تحقيق جار.
6 ـ استنتاجات
202ـ ان وجهة نظر اللجنة هي ان الاغتيال الذي حصل في 14 شباط 2005 قامت به مجموعة منظمة بشكل جيد، فضلا عن موارد مهمة وامكانات. وتم التحضير للجريمة على مدى اشهر عدة. ولهذه الغاية، تمت مراقبة اوقات ومواقع تحركات السيد رفيق الحريري وتم تسجيل خطوط تحركت موكبه بشكل مفصل.
203ـ وبناء على اكتشافات اللجنة والتحقيق اللبناني حتى الان، وعلى قاعدة الادلة الحسية والوثائقية التي جمعت، والدلائل التي تم التوصل اليها حتى الان، هناك دليل متجمع يشير الى التورط السوري واللبناني في هذا العمل الارهابي. انها حقيقة معروفة جدا انه للاستخبارات العسكرية السورية وجود متغلغل في لبنان على الاقل حتى انسحاب القوات السورية تنفيذا للقرار 1559. وكان كبار المسؤولين الامنيين السابقين في لبنان معينين من قبلهم. ومع تدخل الاستخبارات السورية واللبنانية بشكل منسق في المؤسسات اللبنانية والمجتمع، سيكون من الصعب تصور سيناريو جرت فيه مؤامرة معقدة لاغتيال احد من دون علمهم.
204ـ من وجهة نظر اللجنة ان قضية اغتيال السيد الحريري كانت قضية استقطاب سياسي شديد وتوتر. الاتهامات والاتهامات المضادة استهدفت على وجه الخصوص السيد الحريري خلال الفترة التي سبقت اغتياله، وعززت استخلاص اللجنة من ان الدافع وراء الاغتيال كان سياسيا. ان الاغتيال ليس عمل افراد، بل عمل مجموعة، ويبدو انها مسألة غش وفساد وتبييض اموال، وهذا يمكن ان يكون دافعا لافراد للاشتراك في العملية.
205ـ تعتبر اللجنة ان التحقيق يجب ان يتواصل في الفترة المقبلة. في فترة الاربعة اشهر اكثر من 400 شخص تم الاستماع اليهم، وتمت مراجعة 60000 الف وثيقة، وتم التعرف على عدد من المشتبهين، وتم بناء خيوط رئيسية. لكن لم ينتهي التحقيق الى الان.
206ـ ان اللجنة تستخلص ان مواصل التحقيق يجب ان يتواصل من خلال السلطات القضائية والامنية اللبنانية، التي اثبتت خلال التحقيق، انها بمساعدة ودعم دوليين، تستطيع ان تتقدم ومع الوقت ان تعمل بشكل مهني ومؤثر. في الوقت ذاته، يجب ان تنظر السلطات اللبنانية في كل القضايا المتشعبة بما فيها التحويلات المالية في بنك المدينة. ان تفجير 14 شباط (فبراير) يحتاج الى تقويم الظروف التي حدثت في تفجيرات قبلها بعدها، لاحتمال وجود ارتباطات بين بعضها، ان لم يكن بينها كلها.
207ـ لذلك فإن اللجنة ترى ان جهدا مدعوما من قبل المجتمع الدولي لتأسيس ارضية للتعاون والمساعدة مع السلطات اللبنانية في حقلي الامن والقضاء، امر ضروري. هذا يعزز بشكل كبير ثقة الشعب اللبناني بنظامهم الامني، فيما يقوم ببناء ثقته الداتية في قدراته.
208ـ ان قرار اجراء تعيينات امنية جديدة دعمته كل الفئات اللبنانية، كان ذلك خطورة مهمة نحو تعزيز نزاهة ومصداقية اجهزة الامن. على الرغم من ان ذلك حدث بعد اشهر من الفراغ الامني الانقسام الطائفي الشديد. ان هناك الكثير مما يجب عمله للتغلب على الانقسام الطائفي، وفصل الامن عن السياسة، واعادة هيكلة اجهزة الامن لتلافي اعطاء التقارير المتوازية والاستنساخ ولتطوير عملية المحاسبة.
209ـ تستخلص اللجنة، انه وبعد مقابلة الشهود والمشتبهين في الجمهورية العربية السورية وتبينان ان خيوط عدة تتجه مباشرة الى مسؤولي الامن السوريين في كونهم متورطون في الاغتيال، انه مطلوب من سوريا ايضاح جزء كبير من المسائل غير المحلولة. وفيما ان السلطات السورية، وبعد تردد، تعاونت بدرجة محدودة مع اللجنة، فإن بعض الذين تم الاستماع اليهم حاولوا تضليل التحقيق من خلال اعطاء تصريحات خاطئة او غير صحيحة. ان الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية في الجمهورية العربية السورية فاروق الشرع ثبت انها تتضمن معلومات خاطئة. ان الصورة الكاملة حول الاغتيال يمكن الوصول اليها فقط من خلال تحقيق مكثف وذي مصداقية بشفافية وانفتاح وفق معايير الامن الدولية.
210ـ كنتيجة لتحقيق اللجنة حتى الان، تم اعتقال عدد من الاشخاص واتهموا بالتآمر في ارتكاب جريمة وجرائم ذات صلة باغتيال السيد الحريري و22 شخصا آخرا. ان اللجنة ترى ان جميع الاشخاص، بمن فيهم اولئك الذين اتهموا بجرائم يجب ان يعتبروا ابرياء الى ان تثبت ادانتهم في محاكمة عادلة.