شهدت بيروت في القرن التاسع عشر تطوراً اقتصادياً بارزاً لا سيما بعد الاهتمام بمرفأ بيروت الذي كان ملتقى لمختلف التجار من مختلف الجنسيات الذين كانوا يعملون في الاستيراد والتصدير، ونظراً للحركة التجاريّة البارزة وقدوم السفن التجاريّة من الولايات العُثمانيّة والدول الأوروبيّة، ونظراً لتميّز الشاطئ البيروتي بالرمال في بعض مناطقه، وبالصخور في مناطق أخرى، كان لا بد من أن يتّخذ والي بيروت المحروسة قراراً بإقامة منارة على مرتفعٍ بارز في منطقة رأس بيروت وذلك عام 1820م، وكانت منارة بيروت التاريخية (الفنار) قد أسهمت إسهاماً بارزاً في هداية السفن ليلاً، وتحذرها لئلا تقترب من الشاطئ لأن الاقتراب منه يمكن أن يهدد السفن عندما ترتطم بالرمال أو الصخور، وقد حدث في عام 1956م أن ارتطمت سفينة شامبليون في صخور ورمال منطقة الأوزاعي مما تسبب في غرقها وإتلاف محتوياتها.
لقد قامت منارة بيروت بدور بارز منذ عام 1820م حتى عام 1976م، تخللها بعض التوقف لأسباب أمنية كما حدث في الحرب العالمية الأولى 1914 ـ 1918م حيث أمرت الدولة العُثمانيّة بوقف العمل بها، ثم جاءت السلطات الفرنسيّة فأمرت بإعادة تشغيلها ، حتى توقفت ثانية إبان الحرب العالمية الثانية 1939 ـ 1945م لفترات طويلة ، ثم إستمر العمل بها، وما أن نشبت الحرب الأهلية في حرب السنتين 1975 ـ 1976م حتى توقفت تماماً عن العمل، إلى أن تمّ ترميمها وإعادة تأهيلها بتوجيه من الرئيس رفيق الحريري وبإشراف وزير الأشغال آنذاك عمر مسقاوي، وابتدئ العمل بها عام 1994م. والحديث عن هدمها اليوم هو ضرب من ضروب القضاء على التراث والحضارة في بيروت المحروسة، وفي محاولة لإقامة منارة بديلة على الشاطئ المحاذي للنادي الرياضي، علماً أنه تمّ بالفعل إنشاء منارة بديلة بمواصفات عالمية على الشاطئ المحاذي لمرفأ الصيادين في منطقة المنارة قرب الحمام العسكري.
منارة بيروت الحديثة