لم تعرف بيروت وبقية المناطق الشاميّة الهاتف إلا منذ العام 1908م وما بعده من أعوام، فبعد إعلان المشروطيّة، أو القانون الأساسي في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، صدر نظام الهاتف العثماني الذي تضمن كيفيّة العمل في هذا الجهاز الجديد، وتجديد مراكزه والمنتفعين منه، وكان إستعماله في البدء منحصراً بالدوائر الرسميّة العُثمانيّة وبالمؤسسات السلطانيّة والحكوميّة والعسكريّة ومراكز الولاة، ثم سمح للأهالي بالاشتراك في الهاتف والحصول على خطوط خاصة، على أن يكون ذلك تحت إشراف الديوان البرقي السلطاني، وقد أحدث تطبيق نظام الهاتف في بيروت وبقية الولايات العُثمانيّة دهشة وإعجاباً لدى المواطنين البيارتة باعتباره حدثاً بارزاً واختراعا عصرياً لافتاً للنظر.
وفي الحرب العالمية الأولى قطعت الخطوط الخاصة عن الأهالي في مساكنهم وحوانيتهم ومؤسساتهم، وانقطعت اتصالات بيروت ببقية المناطق اللبنانيّة، وخضعت هذه الخطوط الخاصة لسيطرة الدولة العُثمانيّة لا سيما الفيلق الرابع الذي كان يقوده جمال باشا، وقد أعيدت هذه الخطوط إلى بيروت وبقية المناطق بعد انتهاء الحرب العالمية الأولي عام 1918م .
أما الهاتف اللاسلكي الرسمي فانحصر منذ تأسيسه بإدارة الراديو العسكري تلقياً ورداً، بينما الهاتف اللاسلكي التجاري، فقد سمح به في قسم التلقي والأخذ تحت إشراف إدارة البريد والبرق دون إستعمال آلة الرد أي آلة الإصدار.
والحقيقة فإن الدولة العُثمانيّة بعد هزيمتها وانحسارها عن بلاد الشام، كانت قد تركت لبيروت وللبلدان الشامية شبكة من الاتصالات البريدية والبرقية والهاتفية وشبكة من طرق المواصلات الحديدية، استفاد منها لبنان في عهد الإنتداب الفرنسي بل وفي عهد الاستقلال.