نلاحظ أن اللهجة البيروتية هي لهجة عربية أصيلة ما تزال ملامحها وصفاتها متجذرة حتى اليوم في المجتمع البيروتي، ويلاحظ أن اللهجات المغاربية تبرز بين الحين والآخر في اللهجة البيروتية لا سيما اللهجة التونسية، ولهجة الشلوح سكان بلاد السوس وجبال أطلس الكبير في المغرب الأقصى، ولهجة تمازرت وهي لهجة سكان الأطلس المتوسط، واللهجة الزناتية لهجة سكان جبال الريف في الشمال، فضلاً عن لهجات الجزائر وليبيا، علماً أن الكثير من الملامح البيروتية بدأت تزول بسبب (التفرنج) في الكلام، ومع اقتحام العادات والتقاليد الغربيّة في المنازل والشوارع والأسواق والمدارس والجامعات، وأجهزة الإعلام المتنوعة.
ومن سمات لهجة العائلات البيروتية على سبيل المثال لا الحصر، تحويل السين صاداً (س = ص) مثل كلمات:
◄السور حيث يلفظها البيروتي (الصور)
◄البسطة (البصطة)
◄السمطية (الصمطية)
وفي القرآن الكريم والله يقبض ويبسط (يبصط) في الخلق بسطة (بصطة)
◄المسيطرون (المصيطرون)
كما تظهر في كلمات مثل:
◄السلح (الصلح)
◄سقر (صقر)
بالإضافة إلى أن البيارته يحولون الجيم إلى شين (ج/ ش) مثال ذلك:
◄الحرج (الحرش)
◄اجتماع (إشتماع)
◄جبارة (شبارة) ثم تحولت إلى شبارو
فضلاً عن أن اللهجة الخليجية التي إنتقلت مع الفتوحات إلى المغرب العربي ثـم ارتدت مجدداً إلى المشرق تظهر واضحة في أسماء عائلات بيضون أي با يضون، وبعيون أي أبو العيون. وما يزال في السعودية والخليج تظهر حتى الآن كلمات مثل:
◄با مسعود
◄با محمد
ومهما يكن من أمر، فإنه يكفي أهل بيروت المحروسة فخراً أنهم استطاعوا الحفاظ على بيروت مدينة عربية، بعد أن كانت ردحاً من الزمـن يونانية أو رومانية أو بيزنطية أو عثمانية، كما أفشلوا مخططات (فرنستها) في التاريخ الحديث المعاصر.
ولا بد من الإشارة إلى أن عدد سكان بيروت تطور تطوراً بارزاً عبر العصور مما يدل على التطور السكاني، ومما يدل أيضاً على التنوع السكاني الذي أصاب المدينة نتيجـة للهجرة والنزوح معاً.
والحقيقة فإن حديثنا في هذا الموقع الإلكتروني عن الجذور التاريخية للعائلات البيروتية لا بد من أن يقودنا إلى تصحيح بعض المفاهيم عن أصول هذه العائلات. فالمفاهيــم والنظريات السائدة والخاطئة في بيروت تشير إلى أن معظم البيارتة من أصول مغربية، (لمغرب، تونس، الجزائر، ليبيا). والصحيح أن بعض العائلات المغربية البيروتية هـي شامية الأصل، وتعتبر في الوقت نفسه من أهم العائلات البيروتية لما قامت به من دور بارز في بيروت في الميادين الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية.
ويمكن القول أيضاً إن بعض هذه العائلات المغربية هـي أقدم العائلات التي توطنت في بيروت، لأن هجرتها الواضحة إلى المدينة بدأت بعض الشيء فـي العهد الأموي ثم في العصور الوسطى في فترة الحروب الصليبية، ثم سقوط الأندلس عام 1492م، كما توالت الهجرات المغربية عبر سنوات طويلة فيما بعد إلى بيروت ومختلف بلاد الشام إلى نهاية الحكم الفرنسي عام 1946.
وفي الوقت الذي شهدت بيروت هـجرة المغاربة إليها، كانت تقطنها عائلات تـــعود بجذورها إلى القبائل العربيّة سواء التي توطنوها قبل الإسلام أو مـع الفتح العربـــي والإسلامي. ومن هنا يمكن أن ندرس الجذور التاريخية للعائلات البيروتية، مـع إعطاء نماذج وأمثلة هي على سبيل المثال لا الحصر.