آل خرما
من الأسرة الإسلاميّة والمسيحيّة البيروتيّة واللبنانيّة والعربيّة، تعود بجذورها إلى قبائل شبه الجزيرة العربيّة التي أسهمت في فتوحات مصر وبلاد الشام والعراق والمغرب والأندلس. وتشير مصادر العشائر والقبائل العربيّة بأن أسرة خرما (خرمة) هي في الأصل من عشيرة السواعد العربيّة التي توطنت في أرض الخرمة الواقعة جنوب سوق الشيوخ في بغداد، وانقسمت إلى فخذين: آل مشعل وآل سعيد. ثم انتشرت الأسرة في بلاد الشام والمغرب العربي والأندلس، ومن بينها دمشق وحلب وأدلب وبيروت المحروسة وسواها.
وتشير وثائق سجلات المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة عن توطن أجداد آل خرما في باطن بيروت ضمن السور التاريخي. وقد عرف من الأسرة في القرن التاسع عشر السيد محمد خرما. كما أشار السجل 1259 ه إلى أسرة خرما شقير عرف منهم: السيد عرابي وابنته السيدة عائشة بنت عرابي خرما شقير ممن كانوا يملكون عقارات في سوق الشعارين في باكن بيروت المحروسة في محلة شويربات. كما عرف من هذا الفرع: عبد الله بن محمد خرما شقير والدته السيدة فاطمة بنت السيد سعيد نجا، ومصطفى بن عرابي خرما شقير. كما أشارت السجلات والوثائق ذاتها إلى عدد آخر من آل خرما شقير منهم السادة: صادق ونجله محمد بن صادق خرما شقير، محمد عرابي خرما شقير، ونجله مصطفى خرما شقير. وأكدت وثائق سجلات المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة بأن أسرة خرما وخرما شقير كانت من ذوي الأملاك والوجاهة البيروتيّة والعثمانية.
ومما يلاحظ بأن الكثير من آل خرما في بيروت المحروسة أسهموا اسهامات مهمة في تطوير ونهضة مدينتهم في الميادين التربوية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية، لهذا حرص السيد محمود خرما على الإسهام في تأسيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلاميّة في بيروت عام 1878 م – 1295 ه. وكان فاعلاً ومؤثراً في مسار المقاصد وتطورها طيلة سنين. وكان من اهتماماته – مع زملائه في الجمعية – الإشراف على بناء المدارس وترميمها واختيار مواقعها، ومساعدة المحتاجين والمعوزين.
وممن سار على درب آل خرما في مجال التضحية من أجل جمعية المقاصد السيد مصطفى خرما نائب رئيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلاميّة في بيروت في عهد الرئيس صائب سلام الذي حرص حرصاً شديداً على التنويه به وبتضحياته بمناسبة مرور مئة عام على تأسيس الجمعية وبمناسبة مرور (46) سنة على تضحياته لجمعية المقاصد. ومما قاله الرئيس صائب سلام في كلمته:
«أول ما أود أن أبدأ به حديثي عن أعمال الجمعية خلال الفترة الأخيرة، هو أن أوجه كلمة شكر وتقدير إلى أعضاء مجلس الأمناء الأكارم الذين بذلوا ما في وسعهم للنهوض بهذه المؤسسة الكبرى. كما أنني أوجه باسمي وباسم أعضاء مجلس الأمناء كلمة تقدير ومحبة بصورة خاصة إلى نائب رئيس الجمعية السيد مصطفى خرما الذي وهب الجمعية من عمره المديد ستة وأربعين عاماً كاملة كعضو وكمدير إدارة، ومن ثم كنائب للرئيس، وكان طوال هذه السنوات العديدة يهب كل وقته وجهده إلى الجمعية، ولا يتواني يوماً عن المواظبة في مكاتب الإدارة في شبه دوام لا ينقطع. ولم يسبق لزميلنا السيد مصطفى خرما في طوال المدة التي خدم بها الجمعية سوى مؤسسها الشيخ عبد القادر قباني رحمات الله عليه والذي أمضى سبعة وخمسين عاماً في خدمة الجمعية. أرى لزاماً عليّ الآن أن أقترح عليكم جميعاً أن تبادروا إلى تكريم هذا الرجل الكبير، والذي لا أشك بأن السعادة الكبرى تغمر قلبه الآن، بعد أن اطمأن إلى مسار الجمعية وإلى استمراريتها وتطورها...».
كما برز من أسرة خرما ممن عمل في تنمية المجتمع المدني والأهلي والمقاصدي السيد شريف خرما الذي بذل بدوره تضحيات في سبيل مجتمعه، وفي سبيل نهضة جمعية المقاصد الخيرية الإسلاميّة في بيروت. وقد أكد الرئيس صائب سلام على هذا الدور وهذه التضحيات. ومما قاله في إطار مشروع بناء مستشفى المقاصد منذ عام 1340 ه - 1921 م: «... تألفت لجنة من أعضاء الجمعية قوامها الطبيب حسن الأسير والطبيب نجيب عرداتي ومحمد لبابيدي وشريف خرما وحسن القاضي لدرس مشروع إنشاء مستشفى إسلامي، وتقديم بيان مفصل عن تكاليفه...» وانتهت اللجنة إلى بناء طابقين من مبنى المستشفى عام 1349 ه - 1930 م بجهود المغفور له عمر بك الداعوق، وتم تجهيزه وافتتاحه في عام 1357 ه - 1938 م.
هذا، وقد استمر أفراد وأبناء وأحفاد آل خرما في الإسهام بالأعمال الخيرية والاجتماعية والإنسانية للمجتمع البيروتي واللبناني سواء في إطار جمعية المقاصد الخيرية الإسلاميّة، أو في إطار المؤسسات والجمعيات الخيرية والإنسانية الأخرى. وممن برز حديثاً من الأسرة الطبيب الدكتور خليل شفيق خرما طبيب جراحة الأنف والأذن والحنجرة وتجميل الوجه، خريج الجامعات البريطانية، وهو عضو الهيئة الملكية الطبية البريطانية، طبيب بارز في مستشفيات بارزة لا سيما مستشفى المقاصد. وفضلاً عن اسهاماته العلمية والطبية، فهو عامل وناشط في الميادين الاجتماعية والإنسانية وفي تنمية ونهضة المجتمع المدني والأهلي في بيروت المحروسة. كما برز من آل شقير الصحافي اللامع الأستاذ محمد شقير أحد مستشاري الرئيس الشهيد رياض الصلح حتى استشهاده عام 1951، وأحد مستشاري الرئيس أمين (1982 – 1988) وقد تعرض للاغتيال قبل انتهاء مدة ولاية الرئيس . كما برز من فرع الأسرة الرائد الكشفي السيد رشيد شقير، والتربوي الأستاذ محمد شقير وسواهم الكثير من أفراد خرما شقير وخرما وشقير.
وعرف من الأسرة الإسلاميّة والمسيحيّة حديثاً السادة: المرحوم السفير إبراهيم محمد خرما المتوفى في 6 أيلول 2010، أدمون خرما، إسماعيل زكريا، إلياس سعد، بسام حنا، جان خير الله، جورج يوسف، جوزيف جورج، أنطونيوس جوزيف، جوزيف جورج، خليل توفيق، شفيق ومصطفى خليل، المحامي زياد عبد الرحمن محمود، عبد الله سعيد، عبود محفوظ، عفيف محمد، عيسى جورج، غسان حنا، محمود شريف، د. خليل مصطفى، منير ميشال، ميشال يوسف، هيثم إسماعيل، وليد عبود خرما وسواهم.
ومن الأهمية بمكان القول، بأن بيروت المحروسة ما تزال تشهد أسرة خرما السورية المتوطنة في بيروت منذ عهد الانتداب الفرنسي، وهي تعود بجذورها إلى مدينة إدلب السورية، وكان بعض أفراد الأسرة قد حصل على الجنسية اللبنانيّة، في حين أن البعض الآخر أهمل – في حينه – تقديم الطلبات والأوراق المطلوبة فلم يحصل إلى اليوم على هذه الجنسية بالرغم من أن هذا الفرع مقيم في بيروت منذ أكثر من سبعين سنة. وقد اجتمع بي بعض هذا الفرع وأمدني بهذه المعلومات عام 2008 – 2009. كما أن بيروت ودمشق شهدت فرعاً من أسرة خرما يقال له «خرماشو».
أما خرما لغة ومعنى فتطلق على المرأة الخرما (الخرماء) أو على الشخص ممن ثقب أو شقت شفته، ويقال أن فلاناً تخرمت أنفه فهو أخرم، كما يقال لمن تشققت أذنها خرماء. كما أن الخرما ثمر طيب الطعم. برتقالي اللون، يميل طعمه إلى طعم التمر، لذا فإن خرمة (خرما) بالفارسية تعني فعلاً التمر.