آل دالاتي
من الأسر الإسلاميّة والمسيحيّة البيروتيّة واللبنانيّة والعربيّة والعثمانية تعود بجذورها إلى أسر من جذور لبنانية وعربية وتركية. أو من بلدان أوروبا الشرقية أو من ولايات عثمانية متنوعة وكانوا بغالبيتهم يتألفون من الترك والألبان والبوشناق (من البوسنة) والكروات والصرب. وكانت نشأتهم الأولى في الرومللي في أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر الميلادي.
لهذا، فإنّ أسر الدالاتية منتشرة منذ العهد العثماني إلى اليوم في بيروت ومناطق لبنانية، وفي مصر وبلاد الشام (سوريا، وفلسطين والأردن...) لأنّ الدالاتية كانت فرقة عسكرية انضم إليها الكثير من الأفراد والجماعات في العهد العثماني، لذلك لا قرابة بين هذه الأسر، ولا يجمعها سوى اللقب.
هذا، وقد أشارت مختلف المصادر التاريخية التي أرخت للعهد العثماني، إلى فرق "الدالاتية" أو "وجاق الدالاتية" ومن بينها الأمير حيدر أحمد الشهابي، الذي أشار إلى مشاركة هذه الفرق في جميع الحروب الداخلية والخارجية العثمانية، وكان أفراد هذه الفرق عدّة آلاف، توزّعت في بيروت ومختلف المناطق اللبنانيّة والعثمانية. وقد استخدمهم الكثير من الولاة العثمانيين، بمن فيهم والي دمشق أحمد كجك باشا المتوفى عام 1046ه – 1636م. وأحمد باشا الجزار المتوفى عام 1805م. وكان لهذه الوجاقات قادة وآغاوات وأنظمة وألبسة خاصة بها، كما كان لها مساجد وخانات تعرف باسم خانات الدالاتية مثل خان الدالاتية في دمشق، ومسجد الدالاتي في حمص. ويكفي الإشارة إلى مثل واحد من النشاط العسكري للدالاتية فقد أشار الأمير حيدر الشهابي في إطار أحداث آذار 1794 إلى ما يلي:
"وكان في مصباح هذا النهار حدثت خصومة وفتنة بين الدالاتية والمغاربة، واشتبك الشر بينهم. وكانت الأرناؤوط من جانب الدالاتية، فانتصرت على المغاربة، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة حتى كادوا يفنوهم، وتبدّدت العساكر، وهربت الحوالات، وزال الاضطراب، وحصل الفرح في البلاد من حلم رب العباد. وفي إقامة العسكر هذه المدة في حرج الصنوبر (في بيروت) قطع توتًا وبساتين، وخرّب بيوتًا وعطّل أرزاقًا لا تقدّر. وكانت إقامته منذ دخل البلاد إلى حين ذهابه قدر أربعة أشهر فقط...".
وممّا يلاحظ، بأنّ ولاة الدولة العثمانية اعتمدوا اعتمادًا أساسيًا على فرق الدالاتية في مختلف الولايات العثمانية نظرًا لجرأة وقوة وإقدام أفرادها على القتال والهجوم في المعارك الحربية، ونظرًا لجسارتهم وعدم مبالاتهم بالموت، فكانوا يهاجمون الأعداء دون وعي أو إدراك أو تردد وكانهم المجانين، وأصبحت هذه الفرق – فيما بعد – أداة العبث والفوضى. وكان قائدهم يعرف باسم "دالي باشي" أي رئيس الدالاتية.
والدالاتي لغة من التركية تعني المجنون، أو الطائش والمتهور أو الجسور. أما اصطلاحًا فقد أطلقها العثمانيون على طائفة عسكرية من الخيّالة أنشئت في الرومللي لتعمل في مقدمة الجيوش العثمانية بمثابة طلائع وأدلاء لا يبالون بالموت. كانت سيوفهم قصيرة، وملابسهم من جلود الأسود والنمور والثعالب، وأحذيتهم مدببة من الأمام، واسعة من الخلف، لها سيقان تبلغ نصف الساق. واللفظ يرد على صورة "دلي" و "دالي" بمعنى الفدائي أو المتهور والشجاع. لهذا، فقد حمل لقب دالاتي كل من عمل في وجاق الدالاتية، ومن هنا كان انتشار من حمل هذا اللقب في بيروت وطرابلس والشام ودمشق والقاهرة والإسكندرية ومدن فلسطينية وأردنية، وفي المغرب العربي.
وممّا يلاحظ أيضًا، بأنّ نشأة الفرق الدالاتية كانت نشأة إسلامية كما كانت عناصرها إسلامية، غير أنّ الظروف السياسية والعسكرية والاجتماعية اضطرت بعض أفراد هذه الفرق للتنصر كما حدث في لبنان مثلًا.
ومن أبرز أسرة دالاتي في بيروت ولبنان مصور القصر الجمهوري أنطوان دالاتي (دالاتي ونهرا) المتوفى في بيروت عام 2003.
عرف من أسرة دالاتي الإسلاميّة والمسيحيّة السدة: حسان حسن دالاتي مدير الشؤون العامة والنشاطات الطلابية في جامعة بيروت العربيّة، أحمد محمود، أحمد نجيب، حسن محمد علي، عبد الرحمن حسن، عماد، محمد محمود، مصطفى حسن، مصطفى مسلم، نجيب أحمد دالاتي وسواهم. وما تزال الأسرة الإسلاميّة والمسيحيّة قليلة العدد في بيروت المحروسة.