آل زينيه
من الأسر المسيحية والدرزية البيروتية واللبنانية والعربية، تعود بجذورها إلى القبائل العربية التي أسهمت في فتوحات مصر وبلاد الشام، وقد استقرّ أفراد منها في فلسطين وحلب وجبل لبنان وطرابلس والعبّادية وزوق مكايل وكفرحيم وبيروت المحروسة وسواها. ويشير معجم قبائل العرب، بأنّ الزينة بطن عربي ممّن كان يقيم في طرابلس الشام. كما يشير ابن الأثير بأنّ الزيني نسبة إلى الجدّ المحدِّث زين جدّ أبي أحمد واصل بن عبد المشكور ابن زين البخاري الزيني. كما يشير القزويني إلى آل زيني الحسينيين وإلى البوزيين.
برز في العهد العثماني من الطائفة الدرزية لا سيّما في القرن الثامن عشر حسن زينية من خاصة الأمير يوسف الشهابي، والشيخ قاسم زينية من العبّادية. وأمّا المسيحيون فقد برز منهم في العهد العثماني تجّار الحرير بشارة وجرجس وباسيلا زينية، وحبيب بن بشارة زينية، والشاعران اسكندر وقيصر ابنا باسيلا زينية، كما برز شقيقاهما فيليب زينية وكيل طائفة الكاثوليك في الإسكندرية والشقيق الآخر الصحافي خليل زينية.
ومن الأهميّة بمكان القول، بأنّ أسرة زينية لا سيّما المسيحية الكاثوليكية ارتبط اسمها في القرنين التاسع عشر والعشرين بالصحافي خليل زينية (1867-1944) صاحب مجلة "الراوي" في مصر، و "الثبات" في بيروت، وهو عضو مهم في جمعية بيروت للإصلاح عام 1913 التي أصدرت نشرة "اليقظة" (Le Reveil) الذي كان مديرها والمسؤول عنها خليل زينية الذي ثبت فيما بعد أنّه كان مواليًا لفرنسا، وبالإضافة إلى ذلك فقد أسّس الصحف والمجلات التالية:
تقويم المرأة، المرآة، المصوِّر. كما أسهم في تحرير الدوريات التالية:
البصير، لشبلي الشميل في الإسكندرية، التقدّم لأديب إسحاق في بيروت، الأهرام وصدى الأهرام في الإسكندرية والقاهرة. والحقيقة، فقد أسهم خليل زينية بإسهامات سياسية وصحافية على غاية من الأهمية لا سيّما في فترة عام 1913 وما بعدها، وفي فترة تأسيس جمعية بيروت للإصلاح، وانعقاد المؤتمر العربي الأوّل في باريس عام 1913. ويشير سليم علي سلام (أبو علي) في مذكراته، أنّه الوقت الذي كان فيه سليم علي سلام ينتقد الحكم العثماني لعدم إعطاء المسيحيين نصف المناصب في داخل مجلس ولاية بيروت، في هذا الوقت كان بعض الأعضاء المسيحيين في الجمعية الإصلاحية يقومون باتصالات سريّة، مع فرنسا مطالبين بسيطرتها على البلاد السورية عامة. وقد أكّد ذلك "قوجه" (Couget) – قنصل فرنسا العام في بيروت – وذلك في تقرير سري إلى وزير الخارجية الفرنسي في 18 آذار 1913 أشار فيه إلى أنّ خليل زينية مدير صحيفة "الثبات" قدّم بيانًا بأسماء الأعضاء المسيحيين في الجمعية الإصلاحية، الذين حرصوا على أن يوّضحوا بدقّة "أماني مسيحي سورية وتأكيد ارتباطهم بفرنسا".
وعندما تمّ تشكيل الوفد الإصلاحي إلى المؤتمر العربي الأول في باريس 1913، كان خليل زينية في عداد الوفد الإصلاحي. وبالفعل فقد سافر إلى باريس، غير أنّه رفض فيما بعد السفر مع الوفد ذاته من باريس إلى استانبول خوفًا من اعتقاله هناك. وكثيرًا ما كان خليل زينية يؤكّد إخلاصه وحبّه لفرنسا، وإرساله التقارير السريّة للقنصل الفرنسي في بيروت. قال القنصل في أحد تقاريره: "لقد قدّم لي السيّد زينية مدير الصحيفة العربية الثبات بيانًا باسم موقّعيه، أرى نظرًا لهميته السياسية أن أرفعه إلى معاليكم...".
وقد تضمن أحد تقارير القنصل الفرنسي السريّة إلى وزارة الخارجية الفرنسية عام 1913 قال فيها: "... إنّي أسمح لنفسي مجدّدًا أن أوصيك بأن تستقبل خليل زينية استقبالًا حسنًا. لقد برهن دائمًا عن كونه مخبرًا متفانيًا ومنبهًا مخلصًا لهذه القنصلية العامة. فلنا أن نعتبره بحق مواليًا لفرنسا بصدق" ونظرًا لأهمية شخصية خليل زينية فإنّنا نسلّط الأضواء على بعض صفحات في تاريخه. لذلك، فإنّ خليل زينية ابن تاجر الحرير باسيلا زينية الذي ولد في زوق مكايل عام 1867 وتبيرت فيما بعد بسبب دراسته وإقامته الدائمة في بيروت المحروسة كان سياسيًا وصحافيًا متميزًا، فقد درس في المدرسة الأميركية والكليّة اليسوعية، ثمّ توجّه عام 1884 إلى افسكندرية بدعوة من شقيقه فيليب زينية. وفي الإسكندرية حرّر في صحيفة "الأهرام"، وأنشأ عام 1888 مجلة "الراوي"، ورئس تحرير صحيفة "الأهرام" ثمّ تولَّى رئاسة تحرير "صدى الأهرام". في عام 1908 عاد إلى بيروت بعد إعادة العمل بالدستور العثماني. تعاون مع اسكندر الخوري وحرّر له صحيفة "الثبات". اشترك عام 1912 في حركة ودعوة اللامركزية. كان عضوًا في جمعية بيروت للإصلاح عام 1913، لذلك مثّل مع آخرين الجمعية في المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس في حزيران عام 1913.
في عام 1914 أنشأ في بيروت صحيفة "المرأة". هرب من بيروت خوفًا من الأتراك بسبب موالاته لفرنسا. عيّن حاكمًا لجزيرة إرواد بعد احتلال الفرنسيين لها. في عام 1917 عاد إلى القاهرة، ثمّ عاد إلى بيروت عام 1938، وتوفى فيها عام 1944 من مؤلّفاته:
1- العلم والتربية.
2- القضاء والقدر (عن الفرنسية)
3- رواية النهاية (عن الفرنسية)
4- روايات متفرقة
5- تقويم المرأة
6- طرفة الطرف في ما دار بين بعض مكاتبي "التقدّم" و "المقتطف".
وممّا يلاحظ، بأنّ أسرة زينية الكاثوليكية التي بات فرع منها بيروتيًا منذ العهد العثماني، ما تزال في بيروت قليلة العدد، وقد عرف منها حديثًا كبريال زينية من سكّان شارع بدارو في بيروت المحروسة.
وزينية لغةً واصطلاحًا من زين وزينه ومصغّرها زينية (زينيا) وهو الشاب أو الشابة الجميلة، بهيّة الطلعة، جيّد السلوك والصفات.