آل شيحا
من الأسر المسيحية في بيروت، كما انتشرت في مناطق لبنان عديدة مثل جونيه وغدير وبمكين وبعبدا الجديدة والنقاش والمنصورية وأنطلياس وسواها. بالإضافة إلى انتشار العائلة في مناطق عربية عديدة مثل مصر وفلسطين والعراق وسوريا وسواها.
والأسرة تعود بجذورها إلى قبيلة شُمر إحدى أهم القبائل العربيّة في المملكة العربيّة السعودية. ونظراً لانتشار هذه القبيلة في أكثر من منطقة عربية، فإننا نرى مناطق عديدة سميت باسمها مثل بلدة شيحا في حلب، وقرية شيحا في مصر، وبلدة شيحا في بغداد، وأخرى في فلسطين. كما عرف أحد مشايخ القبيلة قديماً باسم شيحة بن عبد الله الضبعي. لهذا يذكر بأن الجد الأول لأسرة شيحا إنما انتقل من سوريا إلى لبنان.
هذا، وقد شهد لبنان أحد أهم واضعي الدستور اللبناني عام 1926 هو المحامي والصيرفي ورجل الأعمال ميشال شيحا (1891 – 1954) وهو أحد منظري السياسة اللبنانيّة في عهدي الانتداب الفرنسي والاستقلال. وكان نائباً ومؤسساً لصحيفة (Le Jour) الصادرة باللغة الفرنسية، وله عدة مؤلفات ومقالات سياسية بارزة.
تلقى علومه في عدة مدارس، وأنهاها في جامعة القديس يوسف سنة 1906. سافر بعدها إلى إنكلترا حيث درس علم الاقتصاد والتجارة، ثم انتقل إلى مصر سنة 1915، فدرس الحقوق في القاهرة ونال إجازتها، وهناك أصدر مع فردينان دبانة مجلة أدبية بالفرنسية باسم «Planches». وفي مصر تعرّف على يوسف السودا أحد العاملين على فكرة تأسيس الكيان اللبناني، وعلى بشارة الخوري الذي تزوج من شقيقته لور شيحا.
عاد إلى لبنان سنة 1919 ليكتب في جريدة (Le Reveil). ثم دخل المعترك السياسي، فانتخب نائباً عن بيروت، في المجلس التمثيلي الثاني سنة 1925. وكان عضواً في اللجنة المالية، كما كان عضواً في اللجنة المكلفة وضع الدستور اللبناني، فاعتبر ميشال شيحا وشبل دموس أنهما صانعا الدستور اللبناني سنة 1926، فكان الأول يكتب بالفرنسية، متأثراً بدستور الجمهورية الفرنسية الثالثة، والثاني يترجمه إلى العربيّة.
رفض بعد النيابة الترشح مجدداً للانتخابات، كما رفض عروضاً للتوزير مفضلاً الانصراف إلى الاهتمام بشؤون البنك الذي أسهم عمه في تأسيسه وهو بنك فرعون وشيحا. تابع نشاطه في حقل الصحافة، فأنشأ سنة 1934 مع الشيخ بشارة الخوري وفريد شقير وهنري فرعون جريدة «Le Jour» الناطقة بلسانن الحزب الدستوري. ثم أنشأ جريدة إيسترن «Eastern» سنة 1941، لكنها لم تعمر إلا أربع سنوات فقط. وكتب في مجلة فينيقيا، وكثيراً ما كان يُرجع إليه في أمور السياسة والحكم وفي أمور الاقتصاد.
أنشا شيحا صالوناً أدبياً، واهتم بقضايا فكرية وسياسية واقتصادية. ألقى في الندوة اللبنانيّة عدة محاضرات، واتسمت مقالاته ونظرياته ببعد النظر وأصالة الرأي ونفاذ البصيرة ورهافة الحس وصدق الاستشعار. فكانت فلسطين همه الأكبر قبل نشوء دولة إسرائيل، وعارض مشروعات الري الإسرائيلي لإدراكه أن الليطاني سيكون الهدف، دعا إلى الصلح مع إسرائيل ووضع قوات دولية بين الدول العربيّة وإسرائيل، وتدويل مدينة القدس.
له عدة مؤلفات منها: لبنان في شخصيته وحضوره، تسابيح (شعر بالفرنسية) بيت الحقوق (شعر بالفرنسية)، فلسطين، لبنان اليوم، السياسة الداخلية، المحاولات، وغيرها.
يحمل عدة أوسمة منها: وسام الأرز الوطني، ووسام قداسة البابا، ووسام ملك بلجيكا.
تأهل من السيدة مارغريت قزعون ولهما: مادلين وماري كلير. توفي في 29 كانون الأول سنة 1954. (المعجم النيابي اللبناني، ص 299).
كما برزت أسرة شيحا في الميادين الاقتصادية والمصرفية، فأسس أحدها بنك شيحا في بيروت. وبما أن للأسرة أبعاداً عربية، فقد شهدت جامعة بيروت العربيّة عميداً لكلية الحقوق من مدينة الإسكندرية هو الدكتور مصطفى شيحا.
وعرف من الأسرة حديثاً السادة: ألبير، إلياس، أنطوان، إيلي، بشارة، بول، جوزيف، طوني، عبد الله، فيكتور، مأمون، موريس، ميشال، وديع وسواهم الكثير.
وشيحا لغة إنما تعود إلى إحدى القبائل العربيّة المنتشرة في شبه الجزيرة العربيّة ومصر وبلاد الشام والعراق. كما تأتي بمعنى الشياح ويعني النبت الطويل، أو من شاح بمعنى غيّر وجهة نظره، علماً بأن الشيحا أو الشيح هي آلة كان يستخدمها المزارع في إحدى مراحل تربية دودة القز. كما أن الشِياح والشيحا تأتي بمعنى الرجل الجاد طويل القامة.