آل طربيه
من الأسر الإسلاميّة والمسيحية البيروتيّة واللبنانيّة والعربيّة، تعود بجذورها إلى القبائل العربيّة التي أسهمت في فتوحات مصر منذ الفتوحات الإسلاميّة الأولى، وقد توطنوا لعقود طويلة – وما يزالون – في منطقة طرا (طره) على الضفة الشرقية من النيل قريبًا من القاهرة. ويرى البعض أنّها تنسب إلى جدّها الأول الشيخ طربيه ابن المقدّم حنش بن أبي الغيث اليمني، وجذوره الأولى من اليمن، وهو أحد رؤساء قبائل العرب.
ويرى الرائد السابق في الجيش اللبناني بردليان طربيه في كتابه "آل طربيه في التاريخ" أنّ أسرة طربيه المسيحية في لبنان من أصل إسلامي، وقد اعتنق فرع من الأسرة الإسلاميّة في لبنان الديانة المسيحية. ويرى أيضًا بأنّ جذور آل طربيه من قبائل في القوقاز تميّزت بالصلابة والقوة والإقدام، استقدمهم السلاطين الشراكسة في عهد المماليك إلى مصر، وحلوا في منطقة "طُرا" وكانوا أمراءها. ونظرًا لتميزهم بالقوة والإقدام، فقد تمّت الاستعانة بهم للسيطرة على الكثير من الولايات المملوكية في مصر وبلاد الشام، ومن بينها القاهرة والإسكندرية وحلب ودمشق والبقاع وبيروت وجبل عامل وجبل لبنان، وسواها الكثير من الولايات العربيّة في العهد المملوكي.
برز منهم عبر التاريخ الأمير سيف الدين طربيه الأتابك (1375-1440) والي إيالة طرابلس الشام، ثمّ والي غزة. ثمّ امتد حكم أمراء آل طربيه في مدن وإيلات نابلس وجبل الكرمل وجنين والخليل، كما امتدّ سلطان ونفوذ أمراء آل طربيه في المقاطعات اللبنانيّة لا سيّما البقاع اللبناني وجبل لبنان. واستمر نفوذهم إلى العهد العثماني، لأنّ العثمانيين لم يستطيعوا التخلي عنهم، نظرًا للخصائص والسمات العسكرية والقتالية التي كانوا يتمتعون بها، لهذا دخلوا في فترة من فترات التاريخ العثماني في معارك مع الأمراء اللبنانيين، وفي مقدمتهم الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير (1635-1572) وحقّقوا نجاحات عسكرية في المقاطعات اللبنانيّة.
ومن التحولات الأساسية في تاريخ آل طربيه تحوّل فرع الأمير قرقماز طربيه إلى النصرانية، بعد أن تعرّض مع أولاده ونسله إلى الملاحقة والاضطهاد من قبل العثمانيين، فاعتنقوا المسيحية على المذهب الماروني، وأصبحوا عام 1777م من كبار أمراء ومشايخ مناطق جبل لبنان لا سيّما منطقة تنورين.
أمّا فيما يختص بآل طربيه الشيعة والدروز، فهم في الأصل من أهل السُنّة. وقد تحول فرع منهم إلى اعتناق مذهب الموحدين الدروز، وفرع آخر إلى اعتناق المذهب الجعفري، كما سبق أن اعتنق فرع آخر المذهب الماروني. والفروع الثلاثة اعتنقت هذه المذاهب لأسباب سياسية وعسكرية واجتماعية مرّت بها تلك الفروع، ممّا دعاها لتغيير معتقداتها.
ومهما يكن من أمر، فإنّ آل طربيه من أهل السُنّة والجماعة مع بقية فروع آل طربيه من بقية الطوائف، تجمع أكثر المخطوطات والمصادر العربيّة، بأنّ هذه الفروع تتصل بنسب عربي واحد، تعود بجذورها إلى شبه الجزيرة العربيّة، وقد توزعت بين مصر والعراق وفلسطين وبلاد الشام، فضلًا عن المغرب العربي، كما عرف فرع إنّه من القوقاز، ولكن من أصل عربي إسلامي. وأشارت سجلات المحكمة الشرعية في بيروت في القرن التاسع عشر إلى آل طربيه المسلمين في باطن بيروت المحروسة.
ونظرًا لتوزّع وانتشار آل طربيه عبر التاريخ، فقد عرف من الأسرة العديد من الأمراء والمشايخ والوجهاء والإقطاعيين منهم على سبيل المثال: الشيخ فارس طربيه، والشيخ بشارة طربيه (ت 1840) وأنطون بك طربيه (ت 1911) والشيخ مخايل فارس طربيه، وبطرس بك طربيه (ت 1958) وأمين لُبس طربيه (1854-1900) عضو مجلس إدارة جبل لبنان عام 1899، وولده خليل طربيه مدير ناحية إهدن عام 1908، وسعيد طربيه من بيروت أحد مؤسسي جمعية المقاصد الخيرية الإسلاميّة في بيروت عام 1295ه – 1878م، الذي تميّز بأنّه كان مناضلًا بيروتيًا تميّز بحس وطني وعربي ضد محاولات التتريك في العهد العثماني.
وفي القرن العشرين برز العديد من آل طربيه نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر السادة: الشيخ وديع طربيه (1877-1946) عضو المجلس التمثيلي الأول عن دائرة الشمال عام 1922 وعام 1925، ونزيه مخايل طربيه رئيس مجلس العمل التحكيمي في بيروت، والقاضي نسيب يوسف طربيه، وحليم حنا طربيه أمين سر محافظة البقاع السابق، والدكتور بطرس طربيه، والدكتور خليل طربيه، والمحاميان إميل بولس طربيه، وبشارة خطار طربيه، والدكتور بولس طربيه الأستاذ الجامعي في جامعة السوربون في باريس، ووزير الإعلام الأسبق المحامي هنري طربيه (1921- ) في حكومة الرئيس صائب سلام عام 1971، والمحامي جوزيف طربيه، والدكتور خليل طربيه مؤسّس الملتقى الثقافي في بلاد جبيل، والرائد في الجيش اللبناني بردليان طربيه. كما برز جوزيف طربيه رئيس اتحاد المصارف العربيّة ورئيس الرابطة المارونية.
كما برز من الأسرتين الإسلاميّة والمسيحية العديد من رجالات آل طربيه منهم السادة: ألبير، إلياس، إميل، أندره، أنطوان، أنيس، إيلي، بشارة، بطرس، بيار، جان، جميل، جورج، جوزيف، حبيب، حكمت، حليم، خليل، رامز، رفيق، رؤوف، ريمون، سامي، سمير، سهيل، شفيق، طوني، عادل، عزيز، عصام، فريد، فؤاد محمد، فؤاد منير، كبريال، الدكتور مأمون طربيه، مارون، محمود حسن، محيي الدين، منير، الشيخ ميشال طربيه (المتوفى في كانون الأول 2007)، نبيل، نسيم، هشام، محمود، يحيى، يوسف وسواهم الكثير.
وطُربيه وطربيه وطره باي وطربين، نسبة لمنطقة طُره في مصر، عثمانية الأصل، ومنها طُربيه أو طربيه أي أمير طره. كما أنّ طُر بايه مشتقة من (Torba) طرباه التركية أي الكيس الصغير. كما أنّ لفظ طرابويه تعني حمرة التفاح أو حمرة الوجه. (أنظر كتابنا: المعجم الجامع).
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ العرب القدامى قبل الإسلام وفي ظل الإسلام استخدموا مصطلح طُور على أنّه الجبل مثل طور سيناء وعما طور. فإذا ما وضع أمام هذا المصطلح التعبير العثماني "بيه" أي أمير، فيصبح كامل المصطلح بمعنى أمير الجبل أي طُربيه. وقد عرف المماليك والأتراك مثل هذه الصيغ منها: سربيه، أي نقيب البكوات.