آل القاضي (فتح الله، الداعوق)
من الأسر الإسلامية البيروتية واللبنانية والعربية، تعود بجذورها إلى القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية لا سيّما قبيلة ربيعة. وترى بعض المصادر بأنّ الأسرة تنسب لآل البيت النبوي الشريف، فهي أسرة منسوبة، تعود بنسبها إلى جدّها الأعلى السيّد القطب إسماعيل دفين قرية في حلب، وهو يعود إلى جدّه الأعلى الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام علي زين العابدين ابن الإمام الحسين رضي الله عنهم أجمعين.
ويروي ابن الأثير في كتابه «اللُباب في تهذيب الأنساب» ج3، ص (8-9) بأنّ أوّل من عرف بهذا اللقب سلمان بن ربيعة الباهلي القاضي، وهو أوّل قاضٍ بالكوفة استقضاه الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وأبو أميّة شريح بن الحارث القاضي، روى عن الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وروى عنه الشعبي، وتوفي سنة ثمان وسبعين، وهو ابن مائة وعشرين سنة. كما عرف باسم القاضي صاحب أبي حنيفة رضي الله عنهما. روى يحيى بن سعيد الأنصاري وأبي إسحاق الشيباني والأعمش وغيرهم. روى عنه محمد بن الحسن وأحمد بن حنبل وابن معين وغيرهم، فولّاه الهادي قضاء القُضاة وبعده الرشيد، وهو أوّل من سميّ قاضي القضاة، وبواسطته انتشر مذهب أبي حنيفة. ولد سنة ثلاث عشرة ومائة، ومات في شهر ربيع الأوّل في سنة اثنتين وثمانين ومائة ببغداد.
ونظرًا لإسهام آل القاضي في فتوحات مصر وبلاد الشام والمغرب العربي، فإنّ انتشار الأسرة كان واضحًا في هذه المناطق الثلاث، وقد شهدت بيروت المحروسة منذ العصور الوسطى توطنًا لآل القاضي الذين توزّعوا فروعًا وأسرًا بيروتية ولبنانية وعربية.
وممّن برز من أسرة القاضي الفقيه الحنفي حسن فخر الدين قاضي خان (592ه-1196) أحد كبار فقهاء المذهب الحنفي، له اجتهادات كثيرة. من مؤلفاته «الفتاوى» و«شرح أدب القضاء للخصاف» كما برز الإمام أحمد شمس الدين قاضي زاده (ت 988ه-1580م) فقيه حنفي، قاضٍ في حلب، وقاضي عسكر في الرومللي. من مؤلفاته «نتائج الأفكار في كشف الرموز والأسرار» في الفقيه، و«شرح هداية الحكمة».
وممّن برز من أسرة القاضي في العهد العثماني الفقيه والمؤرّخ أحمد القاضي (1552-1616م) من أهل مكناس في المغرب. له العديد من المؤلفات منها: «جذوة الاقتباس فيمن حلّ من الأعلام مدينة فاس» و «دُرة الحجال في أسماء الرجال».
وممّا يلاحظ أنّ الكثير ممّن تولى منصب القضاء في العهود الإسلامية المختلفة، فقد أطلق عليه لقب القاضي، حتى أنّ أحد أجداد آل الداعوق الأسرة البيروتية البارزة عرف باسم الداعوق القاضي، في حين أنّ أحد أقاربه عرف باسم الداعوق اللبنان نسبة لمهنته. ومن بين الذين ما تزال يظهر على تذاكر هويّاتهم اسم الداعوق القاضي السيّد سعد الدين داعوق القاضي، وسواه من أفراد العائلة. لذلك نرى أنّ التاريخ اللبناني شهد طوائف سنّية ودرزية ومسيحية تحمل لقب «القاضي» ولا قربة بينها. كما أنّ أسرة جزائرية الأصول، دمشقية الإقامة، بيروتية المولد، عرفت باسم القاضي منها السيّد صبحي القاضي الجزائري ونجلاه المهندس الدكتور محمد سعيد القاضي الجزائري، وشقيقه السيّد محمد زهير القاضي الجزائري.
قامت أسرة القاضي في العهد العثماني بدور بارز في الحياة الدينية والشرعية والاجتماعية والعلمية. وقد تولّى أحد أجدادها نقابة السادة الأشراف في بيروت، على اعتبار أنّهم يعودون بنسبهم إلى آل البيت الشريف.
برز من أسرة القاضي البيروتية السيّد حسن القاضي عضو جمعية بيروت الإصلاحية عام 1913، وهي الجمعية التي نظّمت عقد «المؤتمر العربي الأوّل في باريس عام 1913» كما أسهم في مناهضة الانتداب الفرنسي، فاعتقل وسجن مع سليم علي سلام وسليم الطيّارة عام 1922. كان عضوًا في مؤتمرات الساحل والأقضية الأربعة المطالبة بالوحدة السورية. كما كان عضوًا في المؤتمر القومي الإسلامي في بيروت ثمّ نائبًا للرئيس في عهد رئيسها عمر بك الداعوق. هذا وقد أسهم حسن القاضي بإسهامات سياسية وتربوية واجتماعية وإنسانية على غاية الأهمية.
برز من آل القاضي في بيروت أيضًا عضو حزب اللامركزية العربي الشهيد نور القاضي الذي أعدمه القائد التركي أحمد جمال باشا في بيروت عام 1915. وكان نور القاضي أحد المناضلين ضد ظلم جمعية الاتحاد والترقي، وضد سياسة التتريك وتهميش العرب.
وممّن برز من أسرة القاضي أحد وجوه التجار البيارتة السيّد عبد الرحمن القاضي، والأستاذة الجامعية الدكتورة وداد حسن القاضي. وتشير بعض المصادر التاريخية أنّ السادة: حسن القاضي، والشهيد نور القاضي، وعبد الرحمن القاضي ود. وداد القاضي هم في الأصل فرع من آل الداعوق القاضي. كما برز حديثًا الطبيب الدكتور محمد خير القاضي عضو مجلس بلدية بيروت السابق (1998-2005) وأحد الناشطين في الحياة السياسية والإنمائية والاجتماعية والبلدية.
وممّن عرف من أسرة القاضي في العهدين المملوكي والعثماني من الطائفة الإسلامية السنّية والدرزية السادة: بهاء الدين محبوب القاضي (1348) نائب الأمير ناصر الدين الحسين بن سعد الدين خضر في إقطاعاته. كما برز الشيخ عبد الله القاضي الذي أسهم في نقل الحكم عام 1793م إلى الأمير يوسف الشهابي، والشيخ محمد القاضي، والشيخ أحمد القاضي، والشيخ رشيد القاضي (المتوفى في أوائل نيسان 2015)، والشيخ قبلان القاضي (ت 1712م)، والشيخ محمد بن عبد اللطيف القاضي (ت 1789م) مستشار أحمد باشا الجزار في عكا، كما برز الشيخ شرف الدين بن الشيخ محمد القاضي في عهد الأمير بشير الشهابي الكبير، والشيخ عبد الله القاضي، والشيخ أمين القاضي (1899-1955) أحد ضباط الجيش العربي في دمشق، وأحد المشاركين في معركة ميسلون عام 1920. كما عرف من الأسرة حديثًا من الطائفة الدرزية المفكّر والأديب الأستاذ الشيخ رشيد القاضي. كما عرف الشيخ رفيق القاضي وشقيقه الشيخ أيّاد القاضي.
ولا بدّ من الإشارة أيضًا أنّ فرعًا من آل القاضي في بيروت من أصل طرابلسي يرتبط بنسب مع آل الجسر وعائلات طرابلسية أخرى. كما يوجد فرع آخر من آل القاضي في بيروت من أصل دمشقي، وكان لهذا الفرع وقف القاضي في دمشق مُنشأ منذ العهد العثماني. كما يوجد فرع في بيروت من أصل جزائري من آل القاضي. ويوجد فرع بيروتي آخر تولّى أحد أجداد هذا الفرع منصب القضاء في العهد العثماني، فعرف باسم القاضي. كما عرفت أسرة مسيحية باسم القاضي، كما أنّ فرعًا قليلًا من أسرة شيخ موسى عرف باسم القاضي، فضلًا عن أسرة القاضي الرفاعي.
عرف من أسرة القاضي في التاريخ الحديث والمعاصر المرحومة المربيّة ندى عدنان القاضي المتوفية في 17/12/2013، دفنت في جبانة الباشورة، والدتها المرحومة حياة الترك وشقيقاها الدكتور نزار القاضي والسيّد نزيه وشقيقتها السيّدة رجاء والسيّدة منى. كما عرف من آل القاضي السيّد نور القاضي والمرحومان إسماعيل وزين العابدين القاضي. كما عرف السادة: إبراهيم، أحمد، أديب، أمين، أنطوان، أنيس، أسامة، إيلي، بسام، بطرس، بيار، توفيق، جورج، حسن، حسين، حكمت، حليم، حنا، خالد، خطار، خليل، رجا، رشيد، ريمون، رئيف، زهير، زياد، سامي، سعد الدين داعوق القاضي، سعيد، سليم، سمير، شفيق، صالح، عادل، عارف، عاصم، عبد الرزاق، عبد الله، عبد المجيد، عثمان، عدنان، عصام، علي، عماد، عمر غسان، فاروق، فايز الياس، فريد، فؤاد، قاسم، كامل، كرم جورج، كريم مارون، كمال، محسن شيخ موسى قاضي، محمد إسماعيل، محمد خليل، محمد خير صالح القاضي، محمد زهير القاضي الجزائري، محمد سعيد القاضي الجزائري، محمد عبد الله، محمد عبد الوهاب، محمد علي، محمد نوري، محمد وليد صالح، محمود، محي الدين مختار، مطانيوس، منصور، منير، ميشال، ناصيف، ونايف قاضي صاحب مؤسسة القاضي للصيرفة، نبيل، نبيه، نخلة، نديم، نزار، نزيه، نعيم، وديع وسيم، وليد، يوسف، وسواهم الكثير.
والقاضي لغة هو المرجع الشرعي والقانوني الذي يتقاضى الناس أمامه، فيحكم بالعدل مع أو ضد المتقاضين. واعتبر منصب القضاء في الإسلام من أصعب المناصب بسبب الأحكام الصادرة عن القضاة، لهذا، فإنّ الكثير من العلماء عبر التاريخ الإسلامي رفضوا هذا المنصب، لأنّ نصف الناس أعداء لمن ولى الأحكام إذا عدلوا، ولأنّه قيل: قاضيان في النار وقاض في الجنة.
فرع الدكتور محمد خير القاضي:
أمّا فيما يختص بأسرة القاضي فرع الطبيب الدكتور محمد خير القاضي فهي تعود بجذورها إلى منطقة عنيزة شمال المملكة العربية السعودية. ومن شبه الجزيرة انتقلت إلى سوريا ودمشق بالتحديد إلى منطقة الشاغور وما زالت هناك أملاك وذكريات للعائلة. كما توطّن فرع منها في طرابلس الشام، ومن ثمّ في بيروت المحروسة.
عمل آل القاضي بالتجارة ما بين سوريا ولبنان وعملوا بالصناعات الخشبية، وتملّك محمد خير القاضي الجدّ عدّة محلات بسوق أبو النصر والكراوية ومكان البنك العربي، وأنشأ منشرة للأخشاب بمحلّة البسطة الفوقا محطّة العريس.
هذا وتخرّج المهندس محمود القاضي من اليسوعية، وأكمل صالح القاضي أعمال والده بالتجارة. وتسلّم المهندس محمود منطقة الشوف لإعادة التعمير بعد الزلزال عام 1955، وربطته صداقة مع النائب والوزير إميل البستاني. وتتوزّع عائلته بين الجزائر والعراق ودبي.
أمّا الجبل الآخر فقد عرف منه المهندس محمد وليد صالح القاضي من أوائل مهندسي الكومبيوتر في لبنان وخبير التأليل بالجيش والأمم المتحدة وسعودي اوجيه، ومؤسّس عدّة معاهد لتعليم المكننة. كما أسّس أول جمعية علمية للكمبيوتر والمعلوماتية في لبنان في أوائل السبعينيات. وعرف نجله المهندس وائل وليد القاضي صاحب شركة إيلاب للاتصالات من كاليفورنيا ونجله الآخر وسام وليد القاضي المدير الإقليمي لشركة SAP الألمانية للمكننة في دبي، وولاء صالح القاضي الحائزة على ماجستير في الصحة العامة من AUB ومسؤولة بشركة Virgin عن الخلايا الجذعية في الدوحة – قطر.
وعرف من آل القاضي المهندس محمد خليل القاضي المقاصدي عضو نقابة المهندسيين وعضو الهيئة الإدارية لمتخرجي المقاصد، وشقيقه المهندس أحمد خليل القاضي أحد أصحاب شركة اسطفان الهندسية. وزهير صالح القاضي واضع عدّة كتب لتدريس الكومبيوتر وأستاذ المادة في مدارس قطر.
وفي عالم الترجمة لمعت السيّدة حسانة صالح القاضي التي ترجمت عدّة كتب وشاركت بتحرير أكثر من مجلة وشقيقتها المهندسة جمانة صالح القاضي عضو إدارة قناة الجزيرة الإنكليزية، والمهندس ماهر محمد خير القاضي المخرج في القناة المذكورة.
ولآل القاضي فرع في سيراليون أسّسه المغترب محمد القاضي، وتتوزّع عائلته بين سيراليون ولندن منهم غازي وأحمد وعنبره ونزهة ومحالهم موزّعة بين التجارة والنقل.
ومن أنسباء آل القاضي آل حمد إذ أنّ والدة المرحومين عبد الغني وعبد الكريم ومحمود وعبد الرزاق حمد هي المرحومة فاطمة ابنة هجية القاضي ابن خالته سليم ورقية القاضي زوجة محمد خير القاضي ويضمّها ضريح واحد في جبانة الباشورة وتشير وثائق المحكمة الشرعية غلى أنّ محمد عوض القاضي المولود عام 1870 قد تزوّج بهدية القاضي.
صاهر آل القاضي آل حمد وآل الحكيم، إذ تزوّج صالح القاضي جميلة الحكيم شقيقة الأستاذ عدنان الحكيم رئيس حزب النجادة ونائب بيروت، والمرحومين سعدي ومحمود وإبراهيم وهشام، وأل البساط والغزاوي وعرقسوسي وهمدر وزيدان والبطل والبابا والسروجي والحبال ومرزوق.
ولا يزال لآل القاضي امتدادات دمشقية عبر السيّد حسني سعيد القاضي وعائلته الموزّعة بين دمشق وبغداد والأردن وبيروت، وقد بنى معامل لصناعة التريسكلات والسقوف الصناعية ويتابع عمله أولاده وفي مقدمتهم محمد نبيل حسني القاضي. وابنته السيّدة المهندسة جوليانا حسني القاضي منسقة النشاطات الاجتماعية في عدّة جمعيات بيروتية كالمقاصد وزماننا، وابنته ماجدة الناشطة الاجتماعية في الهلال الأحمر السوري وعدّة جمعيات أهلية.
وممّن برز من الأسرة الطبيب الدكتور محمد خير صالح القاضي، مواليد بيروت المحروسة عام 1946. تلقّى دراسته في مدارس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت. متخرّج من كلية الطب – جامعة القاهرة 1973. وهو يتولّى منصب أمين السر العام لجمعية الكشاف المسلم في لبنان، وعضو الهيئة العامة والقيادة العامة فيها. انتسب إلى جمعية الكشاف المسلم في لبنان عام 1961. كما انتخب رئيسًا لهيئة الإنماء الاجتماعي. شارك في العديد من الجمعيات الخيرية والمستوصفات إبان الحرب الأهلية في لبنان 1975-1990.
عضو سابق في هيئة تطوير أزهر لبنان، وصندوق الزكاة، وهيئة دعم مستشفى المقاصد، والهيئة الإدارية لجمعية متخرجي المقاصد واتّحاد طلبة المقاصد ورابطة الطلبة اللبنانيين في القاهرة، وعضو لجنة مسجد العرب – الحرج.
والدكتور محمد خير القاضي عضو منتخب مجلس بلدية بيروت 1998-2004، وله الفضل في متابعة إقامة أربع حدائق عامة في منطقة الحرج، وإقامة الملاعب الرياضية البلدية في الحرج. وهو يعتبر من الأعضاء الفاعلين في بلدية بيروت بين أعوام 1998-2004.
وضع العديد من المنشورات والكتيبات الكشفية والاجتماعية، وثلاثة أعداد من الدليل الطبي والاجتماعي لمنطقة الطريق الجديدة. وما يزال فاعلًا في مجتمعه وبيئته، غيورًا على مدينته وطائفته ومنطقته. تميّز بالجرأة والعمل. وكان أحد المقرّبين من الرئيس الشهيد رفيق الحريري.