وإلى أيامنا هذه تعد حلب مركزاً تجارياً مهماً وهي مركز صناعي هام. كما
أنها مدينة أثرية قديمة، فقد كانت جزءاً من الإمبراطورية الحثية ( الألف
الثاني قبل الميلاد) وضمها الآشوريون في عام
738
ق.م. وبقيت تحت حكم الأخمينيين إلى أن جاء الاسكندر الكبير.
وبعد أن أصبحت من ممتلكات سلوقوس نيكاتور احتلها الرومان في العام(65)
ق.م. وهدمها الفرس بعدهم ودخل المسلمون حلب سلماً بقيادة الصحابيان أبو
عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد رضي الله عنهما من باب أنطاكية ووقفوا
داخل الباب ووضعوا أتراسهم في مكان، فبنى في ذلك المكان مسجد يعود تاريخ
بنائه إلى القرن الهجري الأول.
وقد عرفت مدينة حلب فترة ازدهار في عهد الخلافة العباسية حتى جعل
الحمدانيون منها إمارة مستقلة ومزدهرة ثم وقعت عام
(1015)
تحت حكم الفاطميين ثم السلجوقيين
(1086 ـ 1117)
ثم الزنكيين والأيوبيين وغزاها هولاكو (القائد التتري) ودمرها في1260
ثم حكمها المماليك وبعدهم العثمانيون(1516
ـ 1918)
وجعلوا منها ولاية. وفي عام1920
جعلها الفرنسيون قاعدة دولة مستقلة.
ومن معالم حلب الأثرية الجامع الكبير(جامع سيدنا زكريا بن يحيى عليه
السلام) حيث يوجد فيه قبر له وهو المسجد الأموي حيث بني في العصر الأموي
الذي كانت أرضه في العهد البيزنطي بستاناً للكنيسة العظمى، ولما فتح
المسلمون حلب صالحوا أهلها على موضع المسجد الذي بني في عهد الوليد بن عبد
الملك أو في أوائل عهد أخيه سليمان. وقد تهدم مرات وجدّد، وفيها قلعة حلب
الشهيرة التي كانت عاصمة الدولة الحمدانية التي وصلت إلى أوجها في عهد
سَيْف الدَّوْلَة الحَمْداني الذي أكثر من غزو الروم.
وفي مواجهة القلعة وقرب المدرسة السلطانية تقع المدرسة الخسروية (وهي عبارة
عن جامع ومدرسة وتكية) التي أمر ببنائها خسرو باشا العثماني الذي كان
والياً على حلب ابتداء من1537،
والجامع إلى الآن يحوي الثانوية الشرعية التي تعلم العلوم الشرعية والكونية
وتمنح شهادة( البكالوريا). وهكذا كانت الجوامع مراكزاً للعبادة والعلم
والأعمال الخيرية الاجتماعية.
وقد أحصوا في حلب أكثر من(60)
مدرسة أثرية قديمة وأكثر من
25
زاوية دينية تعليمية، وتعتبر حلب اليوم ثاني أكبر مدينة سورية بعد العاصمة
دمشق. وتتميز بكونها مركزاً صناعياً مهماً إذ فيها العديد من معامل
الصناعات الثقيلة بالإضافة إلى كونها مركزاً تجارياً مرموقاً بحكم موقعها
الاستراتيجي القريب من تركيا والعراق.