حَسّان بن ثابِت
? - 54
هـ
/ ? - 673 م
حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد.
شاعر
النبي (صلى الله عليه وسلم) وأحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، عاش
ستين سنة في الجاهلية ومثلها في الإسلام. وكان من سكان المدينة.
واشتهرت مدائحه
في
الغسانيين وملوك الحيرة قبل الإسلام، وعمي قبل وفاته.لم يشهد مع النبي (صلى الله
عليه وسلم) مشهداً لعلة أصابته.
توفي في المدينة.
قال أبو عبيدة: فضل حسان
الشعراء بثلاثة: كان شاعر الأنصار في الجاهلية وشاعر النبي في النبوة وشاعر
اليمانيين في الإسلام.
وقال المبرد في الكامل: أعرق قوم في الشعراء آل حسان
فإنهم يعدون ستةً في نسق كلهم شاعر وهم: سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت بن
المنذر بن حرام.
عفتْ ذاتُ الأصابعِ فالجواءُ،
إلى عذراءَ منزلها خلاءُ |
عفتْ ذاتُ الأصابعِ فالجواءُ، |
تعفيها الروامسُ والسماءُ |
دِيَارٌ مِنْ بَني الحَسْحَاسِ قَفْرٌ، |
خِلالَ مُرُوجِهَا نَعَمٌ وَشَاءُ |
وكانَتْ لا يَزَالُ بِهَا أنِيسٌ، |
يُؤرّقُني إذا ذَهَبَ العِشاءُ |
فدعْ هذا، ولكن منْ لطيفٍ، |
فليسَ لقلبهِ منها شفاءُ |
لشعثاءَ التي قدْ تيمتهُ، |
يَكُونُ مِزَاجَهَا عَسَلٌ وَمَاءُ |
كَأنّ سَبِيئَة ً مِنْ بَيْتِ رَأسٍ، |
منَ التفاحِ هصرهُ الجناءُ |
عَلى أنْيَابهَا، أوْ طَعْمَ غَضٍّ |
فَهُنّ لِطَيّبِ الرَاحِ الفِدَاءُ |
إذا ما الأسرباتُ ذكرنَ يوماً، |
إذا ما كانَ مغثٌ أوْ لحاءُ |
نُوَلّيَها المَلامَة َ، إنْ ألِمْنَا، |
وأسداً ما ينهنهنا اللقاءُ |
ونشربها فتتركنا ملوكاً، |
تُثِيرُ النَّقْعَ، مَوْعِدُها كَدَاءُ |
عَدِمْنَا خَيْلَنا، إنْ لم تَرَوْهَا |
عَلَى أكْتافِهَا الأسَلُ الظِّماءُ |
يُبَارِينَ الأعِنّة َ مُصْعِدَاتٍ، |
تلطمهنّ بالخمرِ النساءُ |
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ، |
وكانَ الفَتْحُ، وانْكَشَفَ الغِطاءُ |
فإما تعرضوا عنا اعتمرنا، |
يعزُّ اللهُ فيهِ منْ يشاءُ |
وإلا، فاصبروا لجلادِ يومٍ، |
وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ |
وَجِبْرِيلٌ أمِينُ اللَّهِ فِينَا، |
يقولُ الحقَّ إنْ نفعَ البلاءُ |
وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ أرْسَلْتُ عَبْداً |
فقلتمْ: لا نقومُ ولا نشاءُ |
شَهِدْتُ بِهِ، فَقُومُوا صَدِّقُوهُ! |
همُ الأنصارُ، عرضتها اللقاءُ |
وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ يَسّرْتُ جُنْداً، |
سِبابٌ، أوْ قِتَالٌ، أوْ هِجاءُ |
لنا في كلّ يومٍ منْ معدٍّ |
ونضربُ حينَ تختلطُ الدماءُ |
فنحكمُ بالقوافي منْ هجانا، |
فأنتَ مجوفٌ نخبٌ هواءُ |
ألا أبلغْ أبا سفيانَ عني، |
وعبد الدار سادتها الإماء |
وأن سيوفنا تركتك عبدا |
تُعفيِّها الرّوَامِسُ والسّمَاءُ |
كَأنّ سَبِيئَة ً مِنْ بَيْتِ رَأسٍ، |
وعندَ اللهِ في ذاكَ الجزاءُ |
هجوتَ محمداً، فأجبتُ عنهُ، |
فَشَرُّكُما لِخَيْرِكُمَا الفِداءُ |
أتَهْجُوهُ، وَلَسْتَ لَهُ بكُفْءٍ، |
أمينَ اللهِ، شيمتهُ الوفاءُ |
هجوتَ مباركاً، براً، حنيفاً، |
ويمدحهُ، وينصرهُ سواءُ |
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ، |
لعرضِ محمدٍ منكمْ وقاءُ |
فَإنّ أبي وَوَالِدَهُ وَعِرْضي |
جُذَيْمَة َ، إنّ قَتْلَهُمُ شِفَاءُ |
فإما تثقفنّ بنو لؤيٍ |
ففي أظفارنا منهمْ دماءُ |
أولئكَ معشرٌ نصروا علينا، |
وَحِلْفُ قُرَيْظَة ٍ مِنّا بَرَاءُ |
وَحِلْفُ الحارِثِ بْن أبي ضِرَارٍ، |
وَبَحْرِي لا تُكَدِّرُهُ الّدلاءُ |
لساني صارمٌ لا عيبَ فيهِ، |
وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني
وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني |
وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ |
خلقتَ مبرأً منْ كلّ عيبٍ |
كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاءُ |
هلْ رسمُ دارسة المقامِ، يبابِ
متكلكٌ لمسائلٍ بجوابِ |
هلْ رسمُ دارسة ِ المقامِ، يبابِ |
بِيضُ الوُجُوهِ ثَوَاقِبُ الأحْسَابِ |
ولَقَدْ رَأيْتُ بِهَا الحُلولَ يَزِينُهُمْ |
بَيْضَاءَ، آنِسَة ِ الحدِيثِ، كَعَابِ |
فدعِ الديارَ وذكرَ كلّ خريدة ٍ |
مِنْ مَعْشَرٍ مُتَألَبِينَ غِضَابِ |
واشْكُ الهُمُومَ إلى الإلهِ وَمَا تَرَى |
أهْلَ القُرَى ، وَبَوَادِيَ الأعْرَابِ |
أمُّوا بِغَزْوِهِمِ الرّسُولَ، وألّبُوا |
متخمطينَ بحلبة ِ الأحزابِ |
جَيْشٌ، عُيَيْنَة ُ وَابنُ حَرْبٍ فيهِم، |
قَتْلَ النّبيّ وَمَغْنَمَ الأسْلابِ |
حتّى إذا وَرَدُوا المَدينة َ وارتَجَوْا |
ردوا بغيظهمِ على الأعقابِ |
وَغَدَوْا عَلَيْنَا قَادِرِينَ بأيْدِهِمْ، |
وجنودِ ربكَ سيدِ الأربابِ |
بهُبُوبِ مُعصِفَة ٍ تُفَرِّقُ جَمْعَهُمْ، |
وَأثَابَهُمْ في الأجْرِ خَيْرَ ثَوَابِ |
وكفى الإلهُ المؤمنينَ قتالهمْ |
تنزيلُ نصّ مليكنا الوهابِ |
مِنْ بَعدِ ما قَنَطوا، فَفَرّجَ عَنهُمُ |
وأذلَّ كلَّ مكذبٍ مرتابِ |
وَأقَرَّ عَيْنَ مُحَمّدٍ وَصِحابِهِ، |
والكفرُ ليسَ بطاهرِ الأثوابِ |
مُسْتَشْعِرٍ لِلْكُفْرِ دونَ ثِيابِهِ، |
في الكُفْرِ آخِرَ هذِهِ الأحْقَاب |
عَلِقَ الشّقَاءُ بِقَلْبِهِ، فَأرَانَهُ |
عرفتَ ديارَ زينبَ بالكثيبِ
كخطّ الوحيِ في الرقّ القشيبِ |
عرفتَ ديارَ زينبَ بالكثيبِ |
مِنَ الوَسْمِيّ مُنْهَمِرٍ سَكُوبِ |
تعاورها الرياحُ وكلُّ جونٍ |
يَبَاباً بَعْدَ سَاكِنِها الحَبيبِ |
فأمْسَى رَسْمُها خَلَقاً، وأمْسَتْ |
وَرُدَّ حَرارة َ الصّدْرِ الكَئيبِ |
فَدَعْ عَنكَ التذكّرَ كلَّ يومٍ، |
بصدقٍ، غيرِ إخبارِ الكذوبِ |
وَخَبّرْ بالّذي لا عَيْبَ فيهِ، |
لنا في المشركينَ منَ النصيبِ |
بمَا صَنَعَ المَلِيكُ غَدَاة َ بَدْرٍ |
بَدَتْ أرْكَانُهُ جِنْحَ الغُرُوبِ |
غداة َ كأنّ جمعهمُ حراءٌ |
كَأُسْدِ الغابِ: مُرْدانٍ وَشِيبِ |
فَوَافَيْنَاهُمُ مِنّا بِجَمْعٍ |
عَلى الأعْدَاءِ في لَفْحِ الحُروبِ |
أمَامَ مُحَمّدٍ قَدْ آزَرُوهُ |
وكلُّ مجربٍ خاظي الكعوبِ |
بأيديهمْ صوارمُ مرهفاتٌ |
بَنُو النّجّارِ في الدّين الصّلِيبِ |
بنو الأوسِ الغطارفُ آزرتها |
وعتبة َ قدْ تركنا بالجبوبِ |
فغادرنا أبا جهلٍ صريعاً |
ذوي حسبٍ، إذا نسبوا، نسيبِ |
وشيبة َ قدْ تركنا في رجالٍ |
قذفناهمْ كباكبَ في القليبِ |
يناديهمْ رسولُ اللهِ، لما |
وأمرُ اللهِ يأخذُ بالقلوبِ |
ألمْ تَجِدُو حديثي كانَ حَقَّاً، |
صَدَقْتَ وكُنْتَ ذا رَأيٍ مُصِيبِ |
فَما نَطَقُوا، ولَو نَطَقوا لَقالوا: |
تطاولَ بالجمانِ ليلي فلمْ تكنْ
تهمُّ هوادي نجمهِ أن تصوبا |
تطاولَ بالجمانِ ليلي فلمْ تكنْ |
بها لا أُريدُ النّوْمَ حَتّى تَغَيّبَا |
أبيتُ أراعيها كأنيموكلٌ |
تُرَاقِبُ عَيْني آخِرَ اللَّيلِ كَوْكبا |
إذا غارَ منها كوكبٌ بعدَ كوكبٍ |
مَعَ الصّبْحِ تَتْلُوها زَوَاحِفَ لُغَّبا |
غَوَائِرُ تَتْرَى من نجُومٍ تَخَالُها |
وصرفَ النوى من أن تشتّ وتشعبا |
أخَافُ مُفَاجَاة َ الفِرَاقِ بِبَغْتَة ٍ، |
بِرَوْعاتِ بَيْنٍ تَترُك الرّأسَ أشْيَبَا |
وأيقنتُ لما قوضَ الحيُّ خيمهمْ |
وقدْ جَنَحَتْ شمسُ النّهارِ لِتَغْرُبا |
وَأسْمَعَكَ الدّاعي الفَصِيحُ بفُرْقَة ٍ، |
عَشِيّة َ أوْفَى غُصْنَ بانٍ، فَطَرّبَا |
وَبيّنَ في صَوْتِ الغُرَابِ اغتِرَابُهُمْ، |
وَمَا الطّيرُ إلاّ أن تَمُرّ وَتَنْعَبَا |
وَفي الطّيرِ بالعَلْيَاءِ إذ عَرَضَتْ لَنَا، |
أُعَالِجُ نَفْسي أنْ أقُومَ فأرْكَبَا |
وكِدتُ غَداة َ البعينِ يَغْلِبُني الهوَى ، |
تجاوَزَ رَأسَ الأرْبَعينَ وَجَرّبَا |
وكيفَ ولا ينسى التصابيَ بعدما |
مَفَارِقُهُ لَوْناً مِنَ الشّيْبِ مُغْرَبا |
وقدْ بَانَ ما يأتي من الأمرِ، واكْتَسَتْ |
وصداً، إذا ما أسقبتْ، وتجنبا |
أتجمعُ شوقاً إن تراختْ بها النوى |
عَصَا البَينِ لم تسطِعْ لِشعثَاءَ مَطْلَبا |
إذا أنبتّ أسبابُ الهوى ، وتصدعتْ |
وَلَيْسَ بمَعْذُورٍ، إذا ما تَطَرَّبَا |
وكيْفَ تَصَدّي المرْءِ ذي اللبّ للصِّبَا، |
وَلكِنّ بُقْيَا رَهْبَة ٍ وَتَصَحُّبَا |
أطيلُ اجتناباً عنهمُ، غيرَ بغضة ٍ |
مطاعاً، ولا جاراً لشعثاءَ معتبا |
ألا لا أرَى جاراً يُعلِّلُ نَفْسَهُ |
صَلّى الإلهُ على الّذِينَ تَتَابَعُوا
يَوْمَ الرّجِيعِ، فأُكْرِمُوا وأُثِيبوا |
صَلّى الإلهُ على الّذِينَ تَتَابَعُوا |
زابنُ البكيرِ أمامهمْ وخبيبُ |
رأسُ الكتيبة ِ مرثدٌ وأميرهمْ |
وافاهُ ثمّ حمامهُ المكتوبُ |
وابنٌ لطارق، وابنُ دثنة فيهمِ |
حتى يجالدَ، إنهُ لنجيبُ |
مَنَعَ المَقَادَة َ أنْ ينَالوا ظَهْرَهُ |
كسبَ المعالي، إنهُ لكسوبُ |
والعاصمُ المقتولُ عندَ رجيعهمْ |
وغبنا فلمْ تشهدْ ببطحاء مكة ٍ
رجالَ بني كعبٍ تحزُّ رقابها |
وغبنا فلمْ تشهدْ ببطحاء مكة ٍ |
بِحَقٍّ، وقَتْلَى لمْ تُجَنّ ثِيَابُها |
بأيْدي رِجَالٍ لمْ يَسُلّوا سُيُوفَهُمْ |
سُهَيْلَ بن عَمْروٍ، وخزُها وعِقَابُها |
فيا ليتَ شِعْري! هلْ تَنالَنّ نُصْرَتي |
فهذا أوانُ الحربِ شدّ عصابها |
وصفوانَ عوداً حزّ من شفرِ استهِ |
إذا لَقِحَتْ حَربٌ وأعصَلَ نَابُها |
فلا تأمننا، يا ابنَ أمِّ مجالدٍ |
لهانَ علينا، يومَ ذاكَ، ضرابها |
وَلَوْ شَهِدَ البَطحاءَ مِنّا عِصَابَة ٌ |
متى تنسبْ قريشٌ، أوْ تحصلْ،
فَمَا لكَ في أرُومَتِهَا نِصَابُ |
متى تنسبْ قريشٌ، أوْ تحصلْ، |
لشجعٍ حيثُ تسترقُ العيابُ |
نفتكَ بنو هصيصٍ عنْ أبيها، |
قدَ اندبَ حبلَ عاتقكَ الوطابُ |
وأنتَ، ابنَ المغيرة ِ، عبدُ شولٍ |
تلاقتْ دونَ نسبتكمْ كلابُ |
إذا عُدّ الأطَايِبُ مِنْ قُرَيْشٍ، |
هُنَاكَ السَّرُّ والحَسَبُ اللُّبَابُ |
وَعِمْرَانَ بنَ مَخْزُومٍ فَدعْها، |