|
وكميت أرّقها وَهَجُ الشَّمْ
سِ وصيْفٌ يَغْلي بها وشتاءُ |
وكميت أرّقها وَهَجُ الشَّمْ |
نارها بالكواكب الجوزاءُ |
طبختها الشعرى العبور وحثَّت |
أقلعت عن سمائها الأقذاءُ |
محضتها كواكب القَيْظ حتى |
صَّبها في الزُّجاجة الوُصَفاءُ |
هي كالسُّرْج في الزجاج إذا ما |
تَلِبُ السَّاقيان منها سواءُ |
ودم الشَّادن الذَّبيح وما يَحْ |
ح بكأسين ظَبْية حَوْراءُ |
قد سقتني والليل قد فتق الصُّبْ |
ضَة حنَّى أطرافها الحِنّاءُ |
عن بَنان كأنَّها قُضُب الفِضْ |
مَرَتْ عَينَه للشوقِ فالدمْعُ مُنسَكِبْ
طلولُ ديارِ الحيِّ والحيُّ مغترِب |
مَرَتْ عَينَه للشوقِ فالدمْعُ مُنسَكِبْ |
لبسْنا جديديْها وأعلامُنا قُشُبْ |
كسا الدَّهْرُ بُرْدَيْها البِلى ولرُبَّما |
سَماءٌ وأرواحٌ ودهرٌ لها عَقَبْ |
فغيَّرَ مَغناها ومحَّتْ رسُومَها |
زَمانٌ يُشِتُّ الشمْلَ في صرفه عجبْ |
تربّع في أطلالها بعد أهْلِها |
وسُوداً من الغِربانِ تبكي وتنتحبْ |
تَبدَّلتِ الظُّلمان بعد أنيسها |
يطيبُ الهوى فيها ويُستَحْسن اللَّعِبْ |
وعهدي بها غنَّاء مخضرَّة الرُّبى |
موائِدُ أغْصانٍ تأوّدُ في كُثُبْ |
وفي عَرصَاتِ الحيَّ أظْبٍ كأنَّها |
وخَفَّرها خَفْرُ الحواضنِ والحُجُبْ |
عَواتقُ قد صانَ النَّعيمُ وجوهَها |
ولم تَنْتِحِ الأطرافُ منهنَّ بالرِّيَبْ |
عفائفُ لم يكشفن سِتراً لِغَدْرَة ٍ |
كذاك انصداع الشَّعْب ينأى ويقتربْ |
فأدْرجَهم طيُّ الجديدينِ فانطوَوْا |
حواشيَها ما مَجَّ من رِيقهِ العِنَبْ |
وكأس كسا الساقي لنا بعْد هَجَعَة ٍ |
فآبَتْ بلا نار تُحَشُّ ولا حَطَبْ |
كُمْيت أجادتْ جمرة الصيف طَبْخَها |
مُعتَّقَة صهْباءُ حِيريَّة النَّسَبْ |
لطيمة مِسْك فُتَّ عنها خِتامُها |
فليس بها إلا تلألؤَهَا نَدَبْ |
ربيبة أحْقابٍ جلا الدَّهرُ وجْهَها |
تأمّلتَ في حافاتِها شُعَل اللَّهبْ |
إذا فُرُجاتُ الكأس منها تُخيِّلَتْ |
تتبَّعُ ماءُ الدُرّ في سُبُكِ الذهبْ |
كأنَّ اطَّرادَ الماء في جنَباتِها |
غَزالٌ بحنّاء الزّجاجة مُخَتَضَبْ |
سقاني بها والليلُ قد شابَ رأسه |
ومالتْ أعاليه من اللِّين ينْقَضِبْ |
يكادُ إذا ما ارتَجَّ ما في إزاره |
مريضُ جفونِ العين في طيِّهِ قبَبْ |
لطيفُ الحشى عبْلُ الشَّوى مُدْمَجُ القَرى |
إليه وتلقاني الغواني فتصْطَحِبْ |
أميلُ إذا ما قائد الجهل قادني |
عن الجهل عهدٌ بالشبيبة قد ذَهَبْ |
فورَّعني بعد الجهالة والصّبا |
ودهرٌ تهِرُّ الناس أيّامُه كلِبْ |
وأحداثُ شَيْبِ يَفْتَرعْنَ عن البِلى |
وجانبت أحداثَ الزُّجاجة والطَرَبْ |
فأصبحتُ قد نكَّبْتُ عن طُرُق الصِّبا |
عليَّ وإنْ كانت حلالاً لمن شَربْ |
يحطّانِ كأساً للنديم إذا جَرتْ |
طويلُ قناة ِ الصُّلْب مُنْخزِل العَصَبْ |
ولو شِئْتُ عاطاني الزجاجة َ أحورٌ |
وإذْ للهوى فينا وفي وصْلِنا أرَبْ |
لياليَنا بالطَّفِّ إذْ نحنُ جيرة ٌ |
بناتُ النَّصارى في قلائِدها الصُّلُبْ |
لياليَ تسعى بالمدامة بيْنَنا |
وجُوفٍ من العيدان تبكي وتصْطَخِبْ |
تُخالسني اللَّذات أيدي عَواطلٍ |
ووقَّرني قرْعُ الحوادث والنَّكَبْ |
إلى أنْ رَمى بالأربعين مُشِبُّها |
وأحكَمني طولُ التَّجاربِ والأدَبْ |
وكفكَفَ من غرْبي مشيبٌ وكبرَة ٌ |
بمهنوءة من غير عُرٍّ ولا جَربْ |
وبحر يَحارُ الطَّرفُ فيه قَطْعتُه |
مُداخلة الرّايات بالقار والخشَبْ |
مُلاحَكة الأضلاع محبوكة القَرى |
ولا صفحتيها عَقْدُ رَحْلِ ولا قَتبْ |
مُوثَّقة الأَلواح لم يُدْمِ متْنَها |
سِنَادٌ خليع الرأس مزمُومة الذَّنَبْ |
عريضة ُ زَوْر الصَّدر دَهمْاء رَسْلة |
تكاد من الإغراق في السير تلتهبْ |
جَموحُ الصَّلا موَّارة ُ الصدر جَسْرَة ٌ |
نَبيلة مجرى العرض في ظهرها حَدَبْ |
مجفّرة الجْنَبيْن جوفاء جَونْة |
ولا تشتكي عضَّ النُّسوع ولا الدَّأبْ |
معلَّمة لا تشتكي الأيْنَ والوَجى |
ولا خانها رسْم المناسِب والنَّقَبْ |
ولم يَدْمَ من جذب الخشَاشة أنفها |
شَديدة طيِّ الصُّلْب معصوبة ُ العَصَبْ |
مُرَقَّقَة الأخفافِ صُمٌّ عِظامُها |
إذا ما تَفرَّى عن مناكبها الحَببْ |
يشقُّ حبابَ الماءِ حَدُّ جِرانِها |
رأيت عَجاج الموتِ من حولها يَثِبْ |
إذا اعتلجت والريحُ في بطن لُجّة |
إلى متن مقتِّر المسافة مُنْجَذبْ |
ترامى بها الخلجانُ من كلِّ جانبٍ |
معرَّقة الأصْلاب مطويّة القُرُبْ |
ومثقوبة الأخفاف تَدمى أنوفها |
شَواعِب للصّدع الذي ليس ينشعبْ |
صوادع للشّعْب الشّديد التَيامه |
وكم مِنْ ميتة قد مِتُّ فيها
ولكن كان ذاك وما شَعَرْتُ |
وكم مِنْ ميتة قد مِتُّ فيها |
على شَجَن هزْأت إذا خَلوْتُ |
وكنتُ إذا رأيْتُ فتى ً يبكّي |
فصرتُ إذا بصرتُ به بكَيْتُ |
وأحسبني أدال الله منّي |
وصاحب كان لي وكنتُ له
أشْفقَ من والدٍ على وَلَدِ |
وصاحب كان لي وكنتُ له |
أو كذراع نيطتْ إلى عَضُدِ |
كنّا كساقٍ يمشي بها قَدَمٌ |
خَطْوي وحلَّ الزمان من عُقَدي |
حتى إذا دانَت الحوادثُ من |
عَيْني ويرمي بساعدي وَيدي |
احْوَلَّ عنّي وكان ينظر من |
ليس بنا حاجة ٌ الى أحدِ |
وكان لي مؤْنِساً وكنتُ له |
كنتُ كمسْترفد يَد الأسدِ |
حتى إذا اسْترفَدت يدي يَدَهُ |