# ماذا رد خدام؟

في هذه الواقعة سأل خدام المفتي خالد.. بتهكم هل مررت على منطقة ((حالات)) يا شيخ حسن؟ هل عبرت سيارتك على دماء الشهيد رشيد كرامي؟ كان يريد ان يؤنب والدي كيف مر براً وفتح باباً لم يكن يراد فتحه..

# هذا الانقطاع حصل في العام 1987 بعد اغتيال الشهيد رشيد كرامي.

عندها دخلت العلاقة بين الشيخ حسن خالد وسوريا وكل اجهزتها، المظهر الصحيح. اظهرت سوريا موقفها الحقيقي من الشيخ حسن خالد وان الشيخ حسن خالد رجل حوار، رجل عيش مشترك، رجل عربي  ولكن عروبته هي سوريا ومصر والسعودية أي انها شاملة، وهذا غير مقبول، لان مفهوم العروبة عندهم ان تمر من سوريا، وان تقف في سوريا، كان الشيخ حسن خالد رجلاً لا يستطيع ان يضبط عروبته في مساحة ضيقة وهذا هو بعده الذي تربى عليه، البعد الذي يتكلمون عنه البعد الجغرافي والبعد التاريخي، البعد العربي، وكانت هذه مهمته في الحياة، كما كان يعتقد، وكان يعتقد ان ما فرقه الاجنبي في الحدود، كان يستطيع ان يثبته بالتواصل والتعايش والمشاركة والحوار.

# فماذا حصل من مظاهر العداء السوري للشيخ حسن خالد، ما الذي ظهر منها؟

   يومها، ابتدأت التهديدات، واحدى النصائح المؤكدة التي وصلت اليه قبل سنة او سنتين من الاغتيال، اننا ننصحك بمغادرة لبنان وان تسكن في فرنسا وان تناضل من اجل قضيتك من هناك.

# من الذي كان يحمل هذه النصائح؟

  المشتركون في الحوار معه، وكان احياناً يأتيه اتصال وعندما يسأل عن هوية المتصل يرد: ((إحم.. إحم.. فهِّموه)) بلهجة سورية او لبنانية، واحياناً يرد المتصل بالقول: ((قولوا له يغيِّر. والله نحنا بنحبه)) هذه رسائل. وهناك رسائل اخرى، احياناً عندما يعود المفتي الى منـزله وقت الغداء، كان يتم قصف المنـزل، في منطقة الرملة البيضاء، احياناً كان يذهب الى مكتبه فتقصف دار الفتوى، فأراد ان يختبر هذا الامر، فترك المنـزل وذهب الى دار الفتوى، فقصفت دار الفتوى، وترك دار الفتوى قبل موعد انتهاء عمله وتوجه الى بيته، فقصف البيت. فعلم وقتها وتأكد انه كان مقصوداً، واعلن يومها ((اذا اردتم قتلي، فاقتلوني لماذا قتل الابرياء)).

# هل ارسل الى سوريا من يبلغهم ان هذا هو رأي الشيخ حسن خالد؟

# من كان يرسل؟

ارسل وراء قائد قوات الردع سامي الخطيب، واصطحبه الى دار الفتوى، واطلعه على القذائف التي منها ما هو منفجر ومنها ما هو غير منفجر في ساحة الدار، وأطلعه على العبارات المكتوبة على القذائف، واثبت لسامي الخطيب ان هذه القذائف ليست مرسلة من المنطقة الشرقية لبيروت، وانما هي قذائف سورية او ادوات سورية.

# ما هي واقعة الحديث الذي نقل على لسان السفير الكويتي احمد الجاسم الذي قال فيه ان المفتي اخبرني، وقيل انها ادت الى اغتياله.

في هذا الجو زار السفير الكويتي احمد الجاسم سماحة المفتي في دار الفتوى، فأخبره بما يحصل وبما حصل خلال الاسابيع الماضية وبأن القصف هو قصف مركز يطال دار الفتوى ويطاله شخصياً، وقال له ان تقرير نوعية القذائف ومصدرها موجود ومعروف من اين انطلقت، فأرجو ان تخبروا من هو بصدد قتلي بأنني مستعد للموت، ولكن الا يذهب معي ضحايا ابرياء.

# كأنه يقول لهم، لا تقصفوا، بل اغتالوني وحدي.

كأنه يقول انه حاضر للموت اذا كانت مشيئة رب العالمين ان يموت..

# ومع ذلك عندما استشهد، استشهد معه حوالى عشرة اشخاص وبينهم شقيق عماد الترك وابراهيم الترك من ابناء المنطقة وآخرين.  عندما تبلغ الشهيد حسن خالد ان يرحل من لبنان، ماذا كان رده؟

كان رده قاسياً جداً. قال فيه، اولاً لن اغادر لبنان لأي سبب كان، لانني اذا اردت ان اناضل كما تقولون فاذا كان نضالي من اجل الشعب، فيجب ان اكون بين الناس وأحس معهم في مشاكلهم وفي المصائب التي يعيشونها حتى استطيع ان اعبر عنهم بكل حرية.

# اغتيال الشهيد في 16 ايار/مايو 1989 خلال ما اطلق عليه (حرب التحرير) من عون ضد السوريين، او الحرب التي سميت بـ(حرب عون)، هل كان هناك تواصل بين المفتي الشهيد وبين ميشال عون؟

بعد تعيين الرئيس امين الجميل للعماد ميشال عون لتشكيل حكومة، نشأ كما نعلم جميعاً وضع شاذ، وكان مؤسساً او منذراً بتقسيم لبنان، وكان هذا العمل يضايق سماحة المفتي كثيراً لان نضاله الاساسي هو اولاً عدم تدويل القضية اللبنانية، ثانياً عدم القبول بتقسيم لبنان، هذا نضاله منذ بداية الحرب.

 فعندما أُلفت هذه الحكومة، كان هو الإنسان العاقل الذي يتعاطى مع وضع ميشال عون وسليم الحص (أي الحكومتان التي تم تشكيلهما) بشكل يساعد على التخفيف من أي أزمة يمكن ان تحصل في بداية شرخ ما. أي انه رجل حوار بين الاثنين.

# هل اتصل بميشال عون؟

هناك اتصالات بين الشهيد وبين ميشال عون. وكان هناك ترتيب ما لم يحصل بسبب اغتيال الشيخ الشهيد.

# هل كانت هناك محاولات للقاء؟

كانت هناك محاولات عديدة، كانت هناك اتصالات، كان هناك نوع من الارتياح لدى الشهيد حسن خالد على ان ميشال عون يمكن ان يكون هذا الرجل الوطني العسكري، الذي يمكن ان يلم الشمل ويكون رئيساً للجمهورية، لا مانع حيث انه ابن مؤسسة عسكرية يمكن الحوار معه.

وعندما جاء عهد العماد ميشال عون، بدا له ان بيروت الكبرى ربما أصبحت وشيكة، التزم الاعتدال وأخذ يدعو إلى إنهاء الحرب، ونشر السلام خاصة في بيروت وإجراء الانتخابات الرئاسية. كان المفتي خالد يؤمن بالمؤسسات والقانون. كان حلمه أن يكون الإنسان اللبناني مرجعيته الدولة وليس الزعيم فكان هذا متقارباً جداً مع العماد عون ولكن وللأسف فاجأته الحرب الدائرة بين الجنرال والنظام السوري، وشعر بالارتباك والحيرة فلا يستطيع السير بركاب سوريا على حساب بيروت الكبرى، ولا هو يمكنه تأييد الجنرال عون تأييداً  واضحاً وصريحاً مع اقتناعه الضمني بطروحاته وصدقيته.

# هل كان يؤمن بدور المؤسسة العسكرية الوطنية اللبنانية في مواجهة الميليشيات؟

كان أول من أنذر في بداية الحرب بالانتباه إلى المؤسسة العسكرية بأنها هي صمام الأمان الوحيد لعدم انهيار لبنان، ويومها طالب بمجلس عسكري من مختلف الطوائف حتى لا يصار إلى تقسيمه، ولكن في وقتها لم ينتبه أحد إلى هذه المشكلة.

# كان هناك مشروع فلسطيني لتقسيم الجيش وهذا ما حصل. بالمناسبة هل حصل صدام بين المفتي الشهيد وبين المنظمات التي كانت تسيطر على لبنان؟

 [ الصفحة التالية ]  [ الصفحة السابقة ]